وضع المؤتمر العالمي لطب الحشود الذي نظمته وزارة الصحة بمشاركة نخبة كبيرة من المتخصصين من أنحاء العالم ومن داخل المملكة رؤية ومنهاجا لتخصص طب الحشود، وخرج المؤتمر بتوصيات مهمة ستنعكس إيجابا على الخطط والبرامج التي تضعها دول العالم في إدارة مناسبات الحشود البشرية، باعتبار أن المملكة تمتلك في هذا الجانب الخبرة الكبيرة من خلال إدارتها أكبر تجمع يشهده العالم كل عام في مكان وزمن واحد لأداء شعائر الحج. ودعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في إنشاء تخصص طب الحشود والتجمعات البشرية في الجامعات هي خطوة علمية مهمة يجب أن تتبناها كل دول العالم وليس المملكة فقط، انطلاقا من أن التجمعات البشرية في المناسبات لم تقتصر على بلد دون أخرى، وهذا التوجه من شأنه يتيح الفرص في أعداد المزيد من الدراسات والأبحاث في مجال طب الحشود، والتي تعكس آلية التعامل مع التجمعات في كافة النواحي الصحية والأمنية والثقافية والاجتماعية، كما أن هذا التوجه يدعو الجامعات إلى إنشاء كرسي علمي لطب الحشود أسوة بالكراسي العلمية التي احتضنتها الجامعات في المملكة. أعود مجددا إلى تجربة المملكة في إدارة الحج، وهي تجربة ناجحة بكل المقاييس بتضامن وجهود كافة القطاعات والجهات المعنية بخدمة ضيوف الرحمن وتسهيل مهماتهم منذ وصولهم وإلى مغادرتهم، ولا يمكن مقارنة تجربة الحج بتنظيم كأس العالم، رغم أن العامل المشترك بين الحج وكأس العالم هو «الحشود البشرية»، ولكن يظل الحج له خصوصيته الروحانية وتنظيمه الإداري المختلف، فهذه الحشود التي تفد من كل فج عميق تحتاج إلى عناية خاصة وتعامل حضاري، وقد شرفنا الله بخدمتهم فهم الأولى في كل الخدمات والتسهيلات حتى نعكس صورة مشرقة عن بلادنا وعن تعاملنا الحضاري. * مدير إدارة حماية البيئة الأسبق في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة.