أحترم الأمير الدكتور فيصل بن عبدالله المشاري مدير المركز الوطني للقياس والتقويم، وأعرف عنه الجد والإخلاص في عمله، لكن هذا كله لا يمنعني من القول أني أختلف مه كثيرا في عمليات القياس والتقويم، كما أني أختلف معه تماما في عملية إلغاء الأقسام الأدبية في الثانويات التي ذكر أن مركزه توصل إلى قناعة تامة بإلغائها بحجة تدني مستوى خريجيها!! عملية القياس والتقويم من حيث العموم فكرة صائبة إذا اعتبرنا أنها إضافة إلى الاختبارات التي تجريها الوزارة لطلابها على مدى ثلاث سنوات، لكن تطبيق هذه الفكرة هو الذي يجعل معظم الناس يرفضون هذه الفكرة لأنها أصبحت دمارا لكل ما عملوه في سنواتهم الدراسية، وحطمت آمال الكثير من الطلاب من الجنسين.. وبصورة مبسطة جدا بحسب طبيعة المقال فهناك طلاب يحصلون على نسبة 100 % في الثانوية العامة، وهذه النسبة حصيلة السنوات الثلاث، وحصيلة دراسة مكثفة، ودروس خصوصية، وسهر الليالي الطوال، فإذاحصل الطالب على هذه النسبة كان عليه أن يدخل اختبار القياس والتقويم بعد أيام من انتهاء اختباره هذا للبنات اللواتي يعاملن بتميز ملحوظ عن الأولاد فالفترة ليست كافية لإعادة استذكار المواد السابقة، كما أن طبيعة الأسئلة التي تعتمد على سرعة الإجابة ليست مقياسا على جودة الطالب من عدمه، ففي الغالب يحصل الطلاب على ما بين 65 - 80 % وهذه النسبة تجعل مستوياتهم المتميزة تتدنى كثيرا بحيث لا يستطيعون الدخول في الكليات التي يرغبونها. فإذا أضفنا إلى ذلك ما تفعله بعض الجامعات التي تجعل لتقدير الثانوية العامة حوالي 30 % فقط فعليك أن تتخيل حجم المأساة التي يعانيها الطلاب؟! لقد بدأت أسمع أن بعض الأسر تنصح أبناءها، أن لا يجتهدوا في الدراسة وأن يركزوا على تدريبات القياس والتقويم لأنها الأهم، فإذا كان الأمر كذلك فعلينا أن نتخيل كيف سيكون مستوى الطلاب في دراستهم!! كنت أتمنى أن ينسق المركز مع الجامعات على أن يجعلوا نسبة لا تزيد عن 30 % لاختباره والباقي للدراسة التي يقضي فيها الطالب ثلاث سنوات وهذا هو المنطق والعدل.. وبحسب «عكاظ» 2/11/1431ه فإن سمو الأمير ذكر أن المبلغ المحصل من الطلاب «هو مقابل خدمة تقدم»!! والمعروف أن الخدمة عادة تكون بين طرفين كلاهما يريد هذه الخدمة، ولكن في حالة المركز فإنه وحده فرض هذه الخدمة قسرا على الطلاب كما فرض مقدارها قسرا كذلك، فهل تبادل الخدمات يكون بهذه الكيفية؟! الأمر المستغرب الحديث عن إلغاء الأقسام الأدبية بحجة ضعف الطلاب!! فهل يرى الأمير أن الإلغاء هو الحل؟! هذا القول يشبه الاعتقاد بأن قتل المريض هو الحل وليس البحث عن سبل شفائه؟! كل بلاد الدنيا بحاجة إلى الأقسام الأدبية، بل لا يمكن أن تقوم النهضة بدونها إلى جانب الأقسام العلمية.. بلادنا بحاجة إلى خريجي أقسام اللغة للعمل في القطاعات الواسعة التي لا يجيدها سواهم، وأيضا الأقسام الشرعية لإدارة المحاكم، والمدارس، والجامعات وسواها، وكذلك بقية الأقسام التي لا بد منها. العلاج ليس بالقطع بالبحث عن أسباب الضعف وعلاجه!! العلاج ليس بالقياس للمدرسين فهذا لا يكفي، وليس بالقياس لطلاب الابتدائية، فهناك ما هو أهم من هذا كله!! أتفق مع الأمير على ضعف الطلاب، وأرى مدى ضعفهم عند التحاقهم بالجامعة، فبعضهم لا يحسن الكتابة كما ذكر.. ولكن من أين نبدأ العلاج وكيف؟! الارتقاء بمستوى الطلاب مسؤولية مشتركة بين وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي، ومعهما وزارة الثقافة والإعلام، ولعل المركز يدعم التقاء هذه الوزارات لتعمل بجد على وضع المناهج التي ترتقي بمستويات طلابنا .. ولا أعني المناهج الدراسية فأنا أتفق مع سموه على جودتها، ولكني أعني وسائل تطوير الطلاب علميا .. أعرف أن الجامعات تخسر كثيرا بسبب تسرب أعداد كبيرة من الطلاب، وهذه خسارة على الدولة كلها، ولو كان تعليمنا سويا لما حصل ذلك؟! لا نريد أن يلوم بعضنا بعضا، وكل يضع المسؤولية على غيره، فمصلحة البلاد أن يضع الجميع أيديهم معا لإنقاذ ثروتنا الحقيقية من الضياع!. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة