قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: نحن أمة أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله. فلا اعتزاز إلا بالإسلام ولا انتماء إلا إلى الإسلام. قال أبو بكرة رضي الله عنه: أبي الإسلام لا أب لي سواه * * * إذا افتخروا بقيس أو تميم فالانتماء والاعتزاز بغير الإسلام من أمور الجاهلية. لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم من يقول: يا للأنصار ومن يقول: يا للمهاجرين، قال صلى الله عليه وسلم: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم». وقال: «دعوها فإنها منتنة». فالاعتزاز بالقبيلة أو بالقومية أو بالعروبة أو بالإنسانية اعتزاز وانتماء بأمور الجاهلية ولما ظهر قبل فترة قريبة من يدعو إلى القومية العربية أنكر عليه العلماء أشد الإنكار ورد عليهم الشيخ عبد العزيز بن باز برد مطول قوي سماه: نقد القومية العربية. وهو مطبوع ومتداول. وذلك لأن الإسلام دين الرحمة «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» ودين البشرية: «قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا» والإنسانية دون دين الإسلام لا تغني شيئا، فقبل الإسلام كانت الإنسانية في وحشية وخصام وقتال ونهب وسلب وتناحر: «واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا» فكل رحمة وكل إحسان إلى الناس فذلك في دين الإسلام: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين» حتى البهائم عند ذبحها ومن يستحقون القتل من بني آدم أمر الإسلام بالإحسان إليهم عند الذبح والقتل قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته»، وغفر الله لبغي سقت كلبا وعذب امرأة حبست هرة حتى ماتت. إن الإنسانية وحدها دون الإسلام لا تغني شيئا ولا تجلب خيرا ولا تدفع ضرا وما سفكت الدماء ولا استبيحت الأعراض ولا استحلت الأموال إلا من بني الإنسانية ولا حفظت هذه الحرمات إلا بالإسلام وإننا نسمع في هذا الوقت من يعتز بالإنسانية وينسب إليها كل إحسان ومعروف ناسيا أو متناسيا أو قاصدا جحود فضل الإسلام. والله سبحانه قال: «وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ» ولم يقل: وما كان لإنسان أن يقتل إنسانا وما خالف الإسلام فهو من أمور الجاهلية التي أمرنا بتركها والاعتزاز بديننا والانتماء إليه وإظهار فضله والدعوة إليه. وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح والإصلاح للإسلام والمسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد. * عضو هيئة كبار العلماء