طبيعي جدا أن يحمل الابن مسؤولية إعالة أفراد أسرته بعد وفاة الأب، لكن قد يكون من غير الطبيعي أن يرث هذا الابن مسؤولية إعالة 30 فردا هم جميع أفراد أسرته، رغم أنه عاطل عن العمل. هو إذن يخوض تحديا أشبه بالمهمة المستحيلة. يقيم الشاب مشعل في إحدى محافظات منطقة عسير، حاملا على كاهله تركة ثقيلة، بعد أن ورث له والده الراحل أسرة مكونة من 30 فردا لا عائل لهم بعد الله سواه، ولا شيء غير ذلك من حطام الدنيا. اضطر مشعل إلى قطع دراسته عند المرحلة المتوسطة، ويتجه إلى البحث عن عمل يساعده على تأمين نفقات أسرته التي كانت مستورة الحال قبل رحيل والده، وظل يبحث عن وظيفة حتى ملأ اليأس قلبه فعاد إلى الدراسة من جديد. ونظرا لأنه لا يستطيع توفير المصروف اليومي له ولإخوته وأخواته الجالسين على مقاعد الدراسة، أكمل دراسته للمرحلة الثانوية بنظام المنازل، وحصل على الشهادة الثانوية ومعها شهادة في الحاسب الآلي. أعتقد مشعل بعد تخرجه في الثانوية أنه بات قادرا على نيل وظيفة في مكان قريب من أسرته، ظانا أن المؤهل الدراسي وحده الذي حال دون نيلها سابقا، لكنه فشل في الحصول على عمل منذ عام ونصف العام، ولا يزال متأبطا ملفه الأخضر العلاقي متنقلا بين جهة وأخرى من دون جدوى. يقول مشعل: «توفي والدي وترك خلفه أسرة مكونة من 30 شخصا، وأنا متزوج ولدي طفل، ووجدت نفسي مبكرا مسؤولا عن الإنفاق على أسرة تثقل مصاريفها كاهل أي موظف حكومي يتقاضى راتبا ضخما». ويضيف: «في ظل موجة الغلاء التي اجتاحت البلد، أصبحت الأمور أكثر صعوبة، لأنني وأسرتي لا نملك سوى راتب والدي التقاعد البالغ 2300 ريال فقط، وهو مبلغ لا يكفي مصاريف ربع الأسرة، لا سيما أن أعمار أفرادها متفاوتة، ولكل متطلباته واحتياجاته الخاصة». ويؤكد مشعل أنه طرق أبواب الجهات الحكومية والقطاع الخاص في منطقته بحثا عن عمل، لكن من دون جدوى، ويقول: «من يعيش في مثل ظرفي في أمس الحاجة لوظيفة تسانده لإعالة هذه الأسرة الكبيرة، ولا أدري إلى أين يؤول بنا الحال، في ظل انعدام الفرص الوظيفية، وتكالب الديون علي وأنا أحاول توفير لقمة العيش لأسرتي، والحمد لله أن والدي كان يملك بيتا في إحدى القرى التهامية احتضننا بعد وفاته -رحمه الله-، وإلا لكانت معاناتنا أكبر مما هي عليه الآن».