ظاهر السؤال سهل، ولكن الواقع يشير إلى خلاف ذلك!، ما يريده المواطن هو ما تسعى الدولة إلى تحقيقه من خلال أجهزة القطاع العام، والحقيقة أن المؤشرات تشير إلى أن القطاع العام بحاجة إلى وقفات تأمل في أدائه، وفي الاختصاصات التي تندرج تحت صلاحيات كل جهاز، فالقطاع العام يعاني من تداخل الصلاحيات ومن تقادم الأنظمة ومن صعوبة إنفاق المخصصات المالية بشكل يخدم تطوير أداء القطاع العام، والحقيقة أن تخوف الجهات المالية من الفساد وتبديد المال العام يعد السبب الرئيس خلف تلك التعقيدات، مما وطن البيرقراطية في أداء القطاع العام والتي تزداد حدة وعمقا مع مرور الأيام!. ما يريده المواطن واضح، يريد مستقبلا أفضل له ولأبنائه، يريد منزلا، يريد حياة كريمة، ولكن المستقبل يشير ومع زيادة عدد السكان إلى صعوبة تحقيق تلك الآمال بدون تنفيذ إصلاحات جذرية في بنية القطاع العام، فكثير من أجهزة القطاع العام بحاجة إلى دور جديد، فلدينا عدد لا محدود من القضايا التي بحاجة لأن تدرج تحت اختصاصات القطاع العام حتى يمكن المحافظة على نفس مستوى المعيشة، فقضايا الشباب والأجيال القادمة غير الترفيهية لا توجد جهة مسؤولة عنها، فإذا جزمنا بأن نسبة الشباب في المجتمع تزيد على 60 في المائة فهذا يعني أهمية تخصيص وزارة للشباب لبناء جيل خالٍ من الترهل الاجتماعي، من خلال إعادة صياغة الأنظمة بما يخدم قضاياهم الفكرية وتوجيههم ورفع إنتاجيتهم، والتخطيط لعقدين من الزمن على أقل تقدير للمحافظة على دخل مناسب للفرد، فضلا عن قضايا متنوعة بحاجة لأن تندرج تحت اختصاصات القطاع العام بشكل عملي، كقضايا التنمية الثقافية والفكرية والأسرية وقراءة واقع الظواهر الاجتماعية والتخفيف من آثارها، ومكافحة الثقافة الاستهلاكية وضعف الإنتاجية والتخلص من نظام الكفالة وقضايا الأمن الفكري وغيرها الكثير من القضايا التي تتطلب تغيير توجهات القطاع العام من موجه للاقتصاد الوطني إلى شريك حقيقي في التنمية يعتمد على قدراته البشرية لا أن يعتمد في تنفيذه للمشاريع على خزينة الدولة فقط. الحل اليوم يكمن في تنفيذ حوارات بين أجهزة القطاع العام، حوارات يديرها عقلاء وطنيون حريصون على مستقبل الوطن لا إلى زيادة الصلاحيات، بحيث يتم من خلال تلك الحوارات توفير أرضية صلبة ومثمرة لتقييم واقع الأنظمة والصلاحيات والاختصاصات، فالتقديرات تشير إلى أن عدد سكان المملكة في العام 2025 سيصل إلى 40 مليونا، وهذا يعني أن الإنفاق بحاجة لأن يكون على أقل تقدير ضعف ما ينفق اليوم، لصيانة البنية التحتية ولزيادة رقعة البنية التحتية، وبدوره سيكون صعبا إن لم يكن مستحيلا تأمين مثل هذه الأرقام في ظل معطيات الحاضر، ويحتاج المواطن من ضعف إلى ضعفي دخله اليوم ليتمكن من المحافظة على نفس مستوى المعيشة وسيكون ذلك صعبا ما لم يقم القطاع العام بإعادة تقييم واقعه، خصوصا ونحن على أعتاب خطة تنموية طموحة. التحدي اليوم يكمن في استجابة القطاع العام لما يريده المواطن، وهي المعادلة الصعبة التي تتطلب التنفيذ السريع والتغيير المستمر، وبدون تنفيذ إصلاحات جذرية في البنية الفكرية للقطاع العام ستكون النتيجة الحتمية إهدار المال العام والتنفيذ بما يخدم الحاضر في أفضل الحالات، وسيكون المستقبل مجهول النتائج. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 246 مسافة ثم الرسالة