صديقي .. وبما أنك تحدثت عن «العصفور الطفل» الذي لم تناصره وزارة التربية والتعليم، وتركته وحيدا في المدرسة يمارس أحدهم ساديته عليه ويسجل لحظات الألم والرعب للذكرى، سأحدثك عن طائر آخر يحدث له نفس الشيء، ويتم اضطهاده رغم أن العصفور/الطبيبة دخلت الأربعين ومازال والدها يرفض تزويجها، ومازال يستولي على راتبها، كما قال المحامي أحمد بن خالد السديري في جريدة عكاظ الإثنين الماضي. المحامي يريد أن يستأنف بعد صدور الحكم بعدم قبول دعوى الطبيبة، فقد كان احتجاج الأب بأن خطابا جاؤوه، وأنها رفضتهم كخطاب لها، فالمحامي يرى أن أيا ممن ذكرهم الأب لم يتقدم لها كخطاب، وإنما هو عرضها عليهم، وأن أحدهم كان قد زوجه للأخت التي تعمل معلمة رغما عنها، فهربت ورفعت شكوى ضده. صديقي.. حديثي هنا لن يتطرق لما هو قانوني، بقدر ما أريد الحديث عن المجتمع الذي يراقب مثل هذه الحكايات، ومازال يردد هو ووعاظه جملة «على الآباء أن يتقوا الله». هذا المجتمع الذي دائما ومع كل ظلم يحدث من آباء أو تجار يردد أفراده: «اتقوا الله»، دون أن يسأل نفس ما الذي علي فعله لو لم يتقوا الله؟ هل يعقل ألا تستطيع طبيبة أو موظفة الاستقلال بقراراتها، وألا تزوج نفسها عند المأذون الشرعي؟ ألا يوجد سن محدد يكتمل به عقل المرأة، إذ ذاك يمكن لها أن تصبح صاحبة القرار في حياتها، كما يحدث للرجل حين يصل سنا معينا ويصبح مسؤولا عن خياراته ولا أحد يعضله؟ ثم كيف تأتمن الدولة الطبيبة وتقبل أن تعالج أبناء المجتمع، في نفس الوقت لا تتعامل معها على أنها عاقلة وقادرة على أخذ القرارات الصائبة في حياتها؟ أعرف أنك ستحدثني عن «ولي الأمر»، حسنا لماذا لا تصبح الدولة ولي أمر أفراد المجتمع وتحدد سنا يحق للمرأة كما يحق للرجل أن يزوج نفسه لمن يريد عند المأذون؟ صديقي فكرة «ولي الأمر» تتغير بتغير الأزمان، فالدولة في ما مضى لم تكن كما هي الآن منظمة، لهذا هي غير قادرة على لعب دور ولي الأمر، اليوم الدولة أصبحت قادرة على لعب هذا الدور، وأصبحت مسؤولة عن الجميع، لهذا عليها أن تعدل فيما بينهم، ولا تترك أحد أفرادها عرضة للعضل، فيما الآخر يفعل ما يحلو له، وأن تحدد سنا معينا يصبح فيه الجميع عقلاء وقادرين على اختيار حياتهم، كأن تقول الدولة: من حق الموظفة أن تزوج نفسها عند المأذون الشرعي، لأنها عاقلة والدولة تثق في قراراتها. التوقيع: صديقك أ[email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة