ترصد شرطة العاصمة المقدسة باعة مياه زمزم الجائلين أمام صنابير زمزم المنتشرة في مجمع كدي لتعبئة مياه زمزم وفي مداخل مكةالمكرمة ومخارجها، ومصادرة جوالين زمزم التي تضبط في حوزتهم. لكن مشهد هؤلاء الباعة يتكرر كل يوم، عمالة مخالفة تحتكر صنابير مياه زمزم وتجيرها لمصلحتها الشخصية بغرض الكسب المادي، وأخرى تساوم المواطنين الراغبين في تعبئة جوالينهم بماء زمزم بمبالغ باهظة، حتى أصبح الشعار في مجمع كدي لتعبئة مياه زمزم «الغلبة للأقوى». ورصدت «عكاظ» خلال جولتها في مجمع كدي أمس مشكلة توزيع مياه زمزم، وعاشت أجواء الشحن النفسي مع المواطنين الراغبين في تعبئة جوالين زمزم، إذ لا بد من المرور بمراحل عدة، أولها الوقوف في طابور طويل، وتحمل الروائح الكريهة، وكذلك التغاضي عن الأفارقة الذين يتجاوزون الصفوف، لأن رفع الصوت قد يتسبب لصاحبه بالضرب المبرح، وفوق كل المعاناة، لا يسمح هؤلاء الفارقة لأي أحد بتعبئة أكثر من خمسة جوالين من مياه زمزم، وقد يخف العبء عن الراغب في تعبئة زمزم في حال تقبل دفع مبلغ من المال مقابل جلب المال له، إلا أن ذلك لا يمنع أحيانا من الاضطرار إلى الانتظار لساعات قبل أن تصل طلبية الماء إلى سيارته. ماجد عبيد بدا منفعلا وهو يتحدث إلى «عكاظ»، وظهرت علامات الغضب على وجهه، وقال «هل يعقل هذا، أنتظر منذ ثلاث ساعات الفرصة لتعبئة جوالين زمزم الخاصة بي، وكلما ذهبت إلى أحدهم نهرني، بل وصلت بأحدهم إلى أن ألقى الجوالين في وجهي، بحجة أنه مرتبط بالتزام بتوفير كمية كبيرة مع إحدى الشاحنات». وأضاف عبيد «إن ذهبت يمينا أو يسارا فلن تحصل على شيء إطلاقا، جميع الصنابير محتكرة من قبل العمالة الأفريقية، وللأسف فإن بعض المواطنين السعوديين يشاركون في احتكار صنابير زمزم، ويجيرونها إلى العمال الأفارقة لاستثمارها». أما مجدي القثامي، فوقف متأملا الوضع قبل أن يدخل إلى الشبك المخصص لتوزيع مياه زمزم، أجاب على سؤال «عكاظ» عن انطباعه حيال ما يراه الآن تحدث بابتسامة باردة، وقال «الله يعيننا، فكما تلاحظون أصحاب الشاحنات الكبيرة التي تحمل هذه الأعداد الضخمة من الجراكل استحوذت على كم كبير من صنابير زمزم، وبقية الصنابير احتكرها أصحاب العضلات المفتولة والبنية الجسمانية القوية». وأضاف القثامي: «حتى من يريد تعبئة جوالينه بنفسه، فإن الأفارقة يحولون بينه وبين بغيته بسطوتهم وقوة عضلاتهم، فالمشاجرات بينهم وبين المواطنين والوافدين من جنسيات أخرى أصبحت أمرا معتادا بشكل شبه يومي». أحد الأمثلة على صحة حديث القثامي تمثلت في رامي الحارثي، الذي حاول أن يخوض التجربة بنفسه، وحمل جوالينه وسعى إلى شق الصفوف للوصول إلى أحد الصنابير لتعبئتها، لكن أصحاب البنية الضخمة العضلات المفتولة اعترضوا طريقه بالقوة. وقال الحارثي تعليقا على تجربته: «كما ترون لم أستطع إلا تعبئة جالون واحد، فجميع هذه الصنابير محتكرة من قبل الأفارقة ذوي البنية الجسمانية القوية، الذين أصبح الموقع تحت سيطرتهم الكاملة، في ظل الغياب التام من الجهات الرقابية التي كان يفترض تواجدها في الموقع إلى حين إغلاق الأشياب، لدرء الإشكاليات والمناوشات التي تطرأ بين المواطنين والعمال المحتكرة لصنابير مياه زمزم». إلى ذلك، أكد الناطق الإعلامي في شرطة العاصمة المقدسة الرائد عبدالمحسن الميمان، وجود متابعة أمنية مستمرة لمجمع كدي لتعبئة مياه زمزم، وشدد الرائد الميمان على أن شرطة العاصمة المقدسة «لم ولن تتهاون في الضرب بيد من حديد على هؤلاء المخالفين والمتخلفين ممن يحتكرون صنابير مياه زمزم ومنع المواطنين والمعتمرين وحجاج بيت الله الحرام من الاستفادة من ماء زمزم، مشيرا إلى أن الشرطة تعمل على تنظيم النواحي الأمنية والمحافظة عليها. وكشف الناطق الإعلامي في شرطة العاصمة المقدسة، عن وجود فرق أمنية على مدار الساعة لرصد كل ما يدور في أشياب كدي، وقال: «نسجل حالات ضبط بشكل يومي لبعض الأشخاص الذين يحاولون احتكار صنابير مياه زمزم». وحول الإجراءات المطبقة في حق الموقوفين، قال الرائد الميمان إن الموقوف الأجنبي يحال إلى إدارة الوافدين في جوازات العاصمة المقدسة، أما المواطن المقبوض عليه فيحال إلى مراكز الشرط.