توفي غازي في العاشرة من صباح الأحد، وتمت الصلاة عليه في عصر ذلك اليوم، ولو تم تأخير الجنازة يوما لشهدها المئات من محبيه نخبا وجماهير، من شتى أرجاء المعمورة، فقد عاش غازي وهو يزرع كل يوم صدقا ويحصد صديقا، كل يوم يجتني معجبا ويكتسب محبا. توفي غازي القصيبي!! هكذا شاءت الأقدار وحكمها لا يرد، وهكذا حكم القضاء وحكمه ماضٍ، وفي الدنيا عبر ولديها مدكر، والسؤال هنا لماذا رثته السعودية كلها، من مليكها وديوانه إلى جميع شرائح المجتمع؟ لقد كان هذا الزخم الرثائي الذي أحسب أن المملكة لم تشهد له مثيلا من قبل أكبر جواب على هذا السؤال، إنها المحبة والإعجاب والامتنان بسيرة رجل خدم بلده وأمته بكل ما استطاع وما أجاد، سياسيا وشاعرا، دبلوماسيا وأديبا، وزيرا وكاتبا، وغيرها من إبداعات غازي التي لا تنتهي. قال لي أحد أقرب أصدقائه (عثمان العمير ناشر إيلاف) والدموع في عينيه: «لقد كان غازي رجلا ولا كل الرجال، أديبا ولا كل الأدباء، مسؤولا ولا كل المسؤولين، كان شيئا من إلهام وشيئا من إنسانية وشيئا من مسؤول، والرجولة والإلهام والمسؤولية لا تجتمع في شخص إلا عبر قرون وقرون، ولقد كان غازي أحدهم، لقد جمع معاني الرجولة من الوفاء والقوة، ومعاني الإلهام من الأمل والحلم، ومعاني المسؤولية من العزم والحزم». لقد كان غازي مختلفا كما قلت من قبل فهو تيار لا شخص، وهو أمة لا فرد، وهو ضمير لا كلمات، تملي عليه مسؤوليته قراره، وتفرض عليه ثقافته خياره، وتتلو عليه رجولته موقفه. قيل عنه في حياته الكثير، وسيقال عنه بعد وفاته أكثر، لأنه عرف المعادلة الصعبة بين أن تكون مسؤولا صارم القرار، وشعبيا تتلمس أوجاع الناس وآلامهم. في المرة الوحيدة التي لقيت غازي لم يكن حافلا بثنائي على روايته العصفورية، بل كان معنيا بنقدي لروايته شقة الحرية، وكان فرحا كفنان حين رويت له إحدى قصائده التي لم يكن يحفظها «صدى الأطلال»، كادت عيناه تطفران بالدمع ولكنه تداركهما بآهات زافرة، وتأوهات مكنونة. رحل غازي بعدما حاز أقصاب السبق في كل مجال خاضه، فكان بحق ربيع القلوب ومتعة العقول. إيه غازي وقد روتك المغازي كنت من كنت في وجوه الروازي كنت حلم الشباب إذ شح بالأح لام دهر تعاورته المخازي كنت نجدا إذا اشمخرت طموحا كنت نعم الحجاز دون الحجاز [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 250 مسافة ثم الرسالة