إلى جانب كل ما تعرفه عن شاعرنا الوزير الراحل غازي القصيبي، فإنك من غير الممكن أن تتعرف عليه تماما كإنسان مثقل بكثير من المواهب التي أصبح سيدا لأغلبها في المملكة وواحدا ممن يشار إليهم على المستوى العربي فيها، لا سيما تلك الاهتمامات الأدبية. غازي القصيبي الشاعر كان مرجعية للمتعاملين معه، لمست ذلك في أمسية محفوفة بالفن والإعلام والأدب، دعانا إليها أستاذنا الدكتور عبد العزيز خوجة في بيروت التي كان فيها سفيرا للمملكة وقتها، الأمسية حضرها كل من الدكتور محمد عبده يماني، الدكتور غازي القصيبي، شاعرنا إبراهيم خفاجي الذي كنت أرافقه في تلك الرحلة إلى بيروت، رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، كوثر البشراوي، الراحلة الفنانة المغربية رجاء بالمليح، النجمة الراحلة نادية أرسلان، والمطربة اللبنانية جاهدة وهبي التي تتعامل مع عيون الشعر العربي قديمه وحديثه في شدوها الجميل، يومها صحح القصيبي لجاهدة بيتا من الشعر لحنت فيه بسبب خطأ في النص أو نسيان، لم يكتفِ الراحل بالتصحيح لها إنما جعلنا كمستمعين فاغري الأفواه لما سرده عن القصيدة وشاعرها الذي كان من المجيدين والمقلين في الشعر العربي، شعرنا يومها أننا أمام محاضر في الأدب وتأريخ الأدب العربي وليس الشاعر المعني. المشهد لم يكن جديدا ولكن ليس من سمع كمن رأى، فأن ترى المشهد الذي يقوم ببطولته الراحل غازي القصيبي فيه اختلاف كبير عن أن تسمع أو تقرأ. كثيرون يتساءلون: من أين يأتي القصيبي بالوقت لكل هذا العطاء في دنيا الأدب، فهو الشاعر والروائي والمفكر الذي وضع لنا أسس الإدارة، وقدم لنا أساليب للتناول الأدبي في ما كتبه ونشره من روايات تعكس واقعنا، وكان من المزاوجين فيها بين الواقع وخيال ورومانسيات الطرح، كل ذلك إلى جانب نجاحاته كوزير وسفير وما نعرفه جميعا عنه. رحم الله أبا يارا، تلك الشخصية المرنة المبتسمة الفذة وغير المتجهمة. فاصلة: للقصيبي مساء تشغيل جسر الملك فهد الرابط بين المملكة والبحرين: ضرب من الحب لا درب من الحجر هذا الذي طار بالواحات للجزر