سأعمد إلى اقتناص تعريف (للثقافة) لأبني عليه لاحقا الفكرة التي تدور حول قدرة رمضان، ذلك الشهر المبارك، على إحداث تحول سلوكي كبير في حياتنا. ورغم تعدد التعريفات الكثيرة لمفهوم الثقافة والتي وصلت إلى أكثر من 164 تعريفا كما جاء في كتاب (الثقافة: مراجعة نقدية للمفاهيم والتعاريف) لكل من (الفريد كوبير وكلايد كلوكهن)، إلا أنني رأيت تعريف الأستاذ الدكتور سعيد إبراهيم عبدالواحد، أستاذ الأدب الإنجليزي والنقد في جامعة الأزهر بغزة، أنسب تعريف إلى ما أود مقاربته في موضوعي وهو قوله (أن الثقافة هي سلوك تعلمي كثيرا ما يتناقض مع السلوك الموهوب تراثيا). وهذا ما يحدث عمليا بين ليلة وضحاها، وذلك عند الإعلان عن رؤية هلال شهر رمضان المبارك، فتجد أن السلوكيات جمعيها اختلفت، ولا نجد من يقول بصعوبة ذلك التغيير السريع، بل إنه يحدث بكل سهولة بل وبحب أيضا! وقد شمل ذلك التغيير كل شيء في مناحي حياتنا اليومية من أكل وشرب ومواعيد نوم، بل إن التغيير السلوكي طال حتى أخلاقيات معينة، فمن كان سريع الغضب أصبح رغما عنه يحاول أن يتخلق بخلق الصائم المأمور بالترفع عن البذاءة في الحديث أو الغيبة أو النميمة كسلوكيات مرفوضة في هذا الشهر المبارك، ومن كان لا يطيق النظر في كتاب أصبح يقرأ (القرآن الكريم) تعبدا ورغبة في زيادة الأجر من الله تعالى، وهذا مؤشر جيد على إمكانية اكتساب مهارة القراءة والمطالعة بعد ذلك، لأنها أصبحت عادة طيلة شهر كامل لو أردنا ذلك!. ولنتأمل بعد ذلك دعاءنا الشهير (الله لا يغير علينا) لنجده دعوة صريحة ضد التغيير والانكفاء نحو الداخل، في ثقافتنا المتوجسة خيفة من كل جديد قادم ومحاربته ثم القبول به بعد ذلك! ولنجد أنفسنا محاطين بهواجس نحن صنعناها وصدقناها، وماهي في الحقيقة إلا أوهام ضد تطورنا وتقدمنا! لنصل لاحقا إلى نتيجة رمضانية بامتياز، وهي أن التغيير سلوك تعلمي وهو ثقافة ليست عصية على الإطلاق متى ما أردنا ذلك، وتم التدريب على ذلك كأي سلوك آخر! ومن يقول إن التغيير عملية مستحيلة يقف رمضان شاهدا على إمكانية تحقيق ذلك وبسهولة، ولذلك لابد أن نعي هذا الدرس الرمضاني جيدا!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 269 مسافة ثم الرسالة