دعاني «معهد الأمير أحمد بن سلمان للإعلام التطبيقي» لإلقاء محاضرة عن «مسؤولية الكلمة في الإعلام» على إذاعيين سعوديين، يعملون في القناة الرياضية، وكان قد سبقني الإعلامي العربي الكبير (صالح مهران) المتخصص في فن الإلقاء، والمتمكن من قواعده، وضوابطه، والمركز في تدريبه على الجانب التطبيقي أكثر من الجانب النظري، وهو صوت إذاعي بلوري ناضج، لغته العربية عالية جدا جدا، ويعطيها عناية أكبر، ويرى أن الإذاعي بلا لغة «كساع إلى الهيجاء بغير سلاح» وله رأي لا يسر معظم الإذاعيين العرب اليوم. للوهلة الأولى أدركت أن الشباب يريدون التعلم، ومن علاماته: الإنصات والسؤال، وهكذا هم كانوا: أنصتوا، وسألوا، عن الكلمة التي تكتب، وتسمع، وتشاهد، والإعلامي حين يقول كلمة، سرعان ما تدخل هي وهو التاريخ، ومن يدخله قل أن يخرج منه، وكلمة الإعلامي في هذه الحالة، ينبغي أن تكون مسؤولة، ألا تكون نابية، ألا تؤدي إلى خصومة، فإذا كانت غير مسؤولة فهي تفرق مجتمعا، وتمزق تلاحمه الوطني، وإذا كانت مسؤولة فهي تؤلف بين أفراده، وتعزز تلاحمهم الوطني، وتقوي آصرة التعاون والمحبة بينهم، ولا ينبغي أن يرتهن المتلقي لكلمات إعلامي مبالغ، يتحامل بكلمة على أهله، ووطنه، بلهجة مقبوحة، ولفظ كريه، فإذا كانت الرصاصة تقتل فردا، فإن الكلمة غير المسؤولة تقتل مجتمعا بل أمة، ولكن الكلمة تحيي أيضا، إذا لم يتخذ منها الإعلامي ميدانا للمزايدات، أو أثار من خلالها النعرات، أو صفى بها حسابات، وأكثر ما يفسد العلاقة بين الإعلام ومتلقيه، إعلامي لا يحسن اختيار الكلمة، فيحدث الكثير من المآسي الاجتماعية، ويفسد ما كان صالحا. رويت للشباب بعضا من تجاربي مع الكلمة. أخطأت في اختيارها، وتعلمت من سوء الاختيار. صوب أشخاص لي ما كان غلطا، ما زال توبيخهم لي في ذاكرتي حتى اليوم، تألمت، وغضبت، وحينما هدأت، أدركت كم كانوا هم على حق، وكم كنت أنا على خطأ، والمرء يتعلم دوما من أخطائه. قبل خمس سنوات تقريبا، سمعت خطبة لفضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد (رئيس المجلس الأعلى للقضاء) تناول فيها مسؤولية الكلمة، حاثا حملة الأقلام، ورجال الإعلام، على أن يسنوا سنة حسنة، بكلمة حسنة، عادا إياهم شركاء في الأجر حين الإحسان، وحمالي أوزار حين الإساءة، ونبه إلى خطورة الكلمة في الإعلام، إذا صدرت من إعلاميين، يطلقون المقالات والحوارات لا يلقون لها بالا، ولا يراجعون ولا يتراجعون. أتوقع أن يكون هؤلاء المذيعون المتدربون، النواة الأولى لإذاعيين سعوديين متخصصين في الرياضة، والتخصص سمة العصر، وما الإعلامي إلا لسان معبر عن المجتمع، وهمومه، وآلامه، ومشكلاته، ومن هنا لا تكون الكلمة منزلقا أو منحدرا نحو الهاوية، وصلاح اللسان كما هو في عرف الفقهاء وليد صلاح النفوس والقلوب، والشاعر يقول: إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جُعل اللسان على الفؤاد دليلا [email protected] فاكس: 014543856 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة