كان يتوكأ على عصاه، وهو يسرد ذكرياته، وقد اتشح شعر ذقنه ورأسه بالبياض وهو وقار، ووهن عظمه، وهذه سنة الحياة ولن تجد لسنة الله تبديلا. مجلة «رؤى» الصادرة عن مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر، أخرجت الإذاعي السعودي المعروف المتعاون «أمين بن محمود قطان» من صومعته التي اختارها بملء إرادته، فهو كما أعرفه يرفض الإملاء، ولو كان من متقبليه لم يكن هذا شأنه. إنه يعيش الآن مرفوع الرأس، لازما مسجده، تاليا قرآن ربه، مسبحا باسمه، وطالبا غفرانه، وما عدا ذلك من أمور الدنيا فلا مكان لها في أوليات «أمين قطان» الذي أعتذر له الآن أماكم، لنسياني إيراد اسمه ضمن قائمة «من أعلام الإذاعة السعودية» في الطبعة الثالثة من كتابي «نشأة وتطور الإذاعة في المجتمع السعودي» وأنا على يقين بأنه يقبل الاعتذار. أين «أمين قطان»؟ وأين «علي بعداني»؟ وأين «عبد الرحمن يغمور»؟ أين «ماجد الشبل»؟ أين «زهير الأيوبي»؟ أين «غالب كامل»؟ أين «جميل سمان»؟ بل أين «محمد الرشيد» ألم تشاهدوه وهو يبيع الخضار في سوق الخضار؟ ليس عيبا أن يكسب قوته من مهنة شريفة، إنما العيب كل العيب أن يهمل! أن يتنكر له الناس، وما أكثر الذين تنكر لهم المجتمع، حتى صارت عبارة الأستاذ الكبير محمد حسين زيدان رحمه الله «المجتمع السعودي مجتمع دفان» علامة فارقة عليه، ودعوني أصحح: بعض أفراد المجتمع السعودي دفانون، يدفنون الأحياء قبل الأموات. توارى هذا الرجل عن الأضواء، غاب طويلا عن الناس، هو ليس انطوائيا، ولا متكبرا، ولا متعجرفا ولكن للضرورة أحكام، وحينما أطل «أمين قطان» كان يحمل أثقال عمل إذاعي رصين في: الإلقاء، والتمثيل، وتقديم البرامج، وهل ينسى متلقو الإذاعة السعودية «أمين قطان» وهو يلتقي بهم عبر برامج: «معكم على الهواء» و«ألوان» و«الوجه الآخر» و«ساعة زمن» و«الليل والكلمة والنغم» ولو كان في مكتبة الإذاعة بعض هذه البرامج، وأعيدت فقرات منها، لأدرك متلقو اليوم الفارق بين جيل وجيل، جيل يختار الكلمة بعناية، ولا يخطئ في إعرابها، وجيل يغرف مما هب ودب، بعضهم أخطاؤه اللغوية فادحة، وبعضهم مخارج حروفه غير واضحة، وهذه مسؤولية من سلمهم لاقط الصوت، وألقى عليهم أضواء التلفاز، ليحرقهم وليس ليقدمهم نماذج إعلامية يقتدى بها. «أمين قطان» من جيل إذاعي مضى، اندثر، بعضهم يصفه بأنه «استنفد أغراضه»!! ومن ثم فليس جديرا أن يكون في الساحة الإعلامية !! فهل «أمين قطان» وباء؟ أم شفاء لأوجاع متلقين يبحثون الآن عن: الإبداع، والتفاعل مع الكلمة المذاعة؟ العزاء للمتلقين. [email protected] فاكس: 014543856 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة