أتى على الجزيرة العربية كثير من الرحالة والمستشرقين، سواء في العصر القديم أو الحديث، ولم يأت هؤلاء إلى الجزيرة العربية، خاصة منطقة نجد، بدوافع استطلاعية، حيث لهم أهداف محددة سواء عن طريق حكوماتهم لاستكشاف هذه المنطقة ووضعها الاستراتيجي أو عن طريق بعثات وهيئات علمية متخصصة، بحيث تهيئ المستشرق تهيئة كاملة من حيث تعلم اللغة العربية والتعرف على العادات والتقاليد في هذه المنطقة، ولو تناولنا كل مستشرق ورحلته التي قام بها للمنطقة لأخذ منا مجلدات كثيرة، حيث إن كل مستشرق رسم الصورة الحقيقية للمنطقة، منهم من خالف ذلك مضللا بمعلوماته ومغالطا بها ومخالفا للحقيقة. ولو نظرنا لعدد الرحالة والمستشرقين الذين أتوا للجزيرة العربية من عام 1500م أكثر من 60 رحالة ومستشرقا. إنني أقول وأؤكد بأن تاريخ الجزيرة العربية من شمالها وجنوبها لم يكن معروفا بشكل علمي ودقيق لولا تلك الرحلات لهؤلاء المستشرقين وإن كانت أهدافهم (سرية أو معلنة) بالكشف عن هذه المنطقة، ولكن نعترف بأن هؤلاء رسموا وكتبوا وصوروا لنا صورة كاملة عن أوضاعها في تلك الفترة إلى جانب الوثائق والمخطوطات التي وثقت تاريخ الجزيرة العربية. لذا حتى نعرف تلك المهمات والنشاط والأهداف الحقيقية لهؤلاء سواء كانت حربية أو دينية أو اجتماعية أو استكشافية بكشفهم الطرق الآمنة في المنطقة من برية أو حربية لحكوماتهم في ذلك الوقت، كما أنه لايمكن تجاهل دور الكثير منهم والإنجاز الذي حققوه في المنطقة لنستفيد من رحلاتهم وليتعرف المهتمون والدارسون والباحثون عن تاريخ هذه المنطقة وعن دور هؤلاء الرحالة سواء إيجابا أو سلبا. في هذه المقالة لا أريد أن أتوسع عن دور المستشرقين في المنطقة، ولكن أقول حان الوقت على إصدار دائرة معارف كاملة عن الرحالة والمستشرقين الذين قدموا إلى الجزيرة العربية وخاصة منطقة نجد ليعكف عليها علماء التاريخ من المنطقة كلها لتكون موسوعة علمية شاملة وكاملة ومرجعا للدارسين والباحثين عن هؤلاء الرحالة الأجانب، بحيث تتولى دارة الملك عبدالعزيز بتكوين لجنة دائمة تعكف تلك الموسوعة التاريخية الموثقة، وإذا كان هؤلاء الرحالة تحملوا المشاق والصعاب والسنين لتوثيق رحلاتهم أمثال تشارلز هوبر، بور كهارت، وفورستر سادلير في عصرنا الحديث ومن سبقهم كثيرون، فإن إصدار تلك الموسوعة لاتقل جهدا وسنوات حتى ترى النور، واختياري دارة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه هي الجهة المؤهلة إداريا وعلميا والقادرة على عمل هذا المشروع الكبير لما تحمله من مقومات، سواء من جانب الشخصيات الواقفين عليها والمخلصين الذين لا يألون جهدا في الرصد والبحث والتحقيق في كل ما يخدم تاريخ المنطقة وعلى رأسهم الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي لا يألو جهدا أو وقتا بجعل هذه الدارة منبرا علميا ومرصدا لحفظ الوثائق والمخطوطات لتاريخ الجزير العربية. كما أن متابعة الدكتور فهد السماري وزملائه أعطى الدار ثقة كل باحث ومطلع، فلابد أن نفعل ذلك بإصدار هذه الموسوعة عن الرحالة والمستشرقين الذين أبلوا بلاء حسنا في خدمة بلادهم بالحصول على معلومات كاملة والمهمات التي أوكلوا بها، ومن جانبنا فلابد أن نقول إن البحث السليم والرصد لفهم أهداف هؤلاء الرحالة والمستشرقين الذين أتوا للمنطقة خلال خمسة قرون لايمكن مراجعته ورصده ومعرفته وتدقيقه وفق الأهداف العلمية الصحيحة إلا من خلال إصدار موسوعة علمية منهجية صحيحة يقوم عليها باحثون متخصصون بتاريخ منطقة الجزيرة العربية وخاصة منطقة نجد حتى نعطي الصورة العلمية الدقيقة والواضحة للدارسين والباحثين والمتخصصين في تاريخ المنطقة. فهل سترى هذه الموسوعة التاريخية النور؟ ناصر بن إبراهيم الهزاع