أتاحت وسائل الاتصال والمعلومات الحديثة، ولا سيما شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»، مجالا واسعا لسرقة أو تقليد الشعارات، أمام أصحاب النفوس الضعيفة من مالكي الشركات والمؤسسات، أو محدودي الموهبة والابتكار من مصممي الشعارات، من خلال آلاف المواقع الإلكترونية التي تتيح كما هائلا لا حصر له من الشعارات في كافة الأنشطة والمجالات، وهو أحد أنواع ما أصبح يطلق عليه «جرائم الإنترنت»، التي صارت تهدد الاستثمار والتجارة بطرق شتى. وبالنظر إلى الواقع، سنجد العديد من الحالات التي تتردد فيها الاتهامات المتبادلة بين الكثير من الشركات، التي تتهم بعضها الآخر بسرقة أو تقليد شعاراتها وعلاماتها التجارية، والجدل فيما بينها حول من الأسبق في تصميم الشعار وطرحه أمام الجمهور، أو من الذي مارس عملية السطو على شعار الآخر، خاصة إذا ما كان الشعار المتنازع على ملكيته الفكرية بين شركتين في نفس الإطار الجغرافي للدولة، أو أن يكون أحد الطرفين المتنازعين من دولة مجاورة، والأمثلة عديدة لهذه المنازعات بين الشركات على سرقة الشعارات أو تقليدها، مما لا تسمح المواءمات بذكرها بشكل مباشر، لاعتبارات قانونية وتجارية وإعلامية. ومن الصعب افتراض حسن النية في غالبية هذه المنازعات، أو أن يكون عامل الصدفة وحده وتوارد الخواطر هو السبب في تشابه بعض الشعارات، خاصة إذا ما وصل هذا التشابه إلى ما يقرب من حد التطابق، مع اختلافات بسيطة وتعديلات طفيفة في الأشكال والألوان، ولا سيما إذا ما كان الشعار محل النزاع بين شركتين تعملان في نفس المجال والنشاط التجاري، أو بين شركتين محليتين تنتميان لدولة أو منطقة جغرافية واحدة. ونظرا لكون الشبكة العنكبوتية هي المصدر الأساسي لهذا النوع الجديد من جرائم الاحتيال الإلكتروني، فإنه يصبح ضروريا أن تبادر الدول العربية بالانضمام إلى الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة جرائم الإنترنت، تحت إشراف منظمة الأممالمتحدة، وأن تقوم كذلك بتعزيز التعاون والتنسيق بين مؤسساتها المعنية بهذا النوع من القضايا المستحدثة، والاستفادة من خبرات المنظمات الدولية ذات الصلة، وبخاصة الإنتربول الدولي، لمواجهة الجرائم المنظمة عبر شبكة الإنترنت بشكل عام، وسرقة وتقليد الشعارات والعلامات التجارية بشكل خاص، وتهيئة التشريعات القانونية الداخلية للتعامل معها والحد من آثارها السلبية على التجارة والاستثمار. [email protected]