فشلت ذات يوم في اللحاق بالموعد المحدد لإصدار بطاقات صعود الطائرة قبل إغلاق الرحلة في مطار جدة، فوقفت بلا حول ولا قوة أندب حظي بعد أن أفهمني موظف «الكاونتر» أنه لا أمل لي في اللحاق بالرحلة وأن علي النزول لتسجيل اسمي في قوائم انتظار الرحلات اللاحقة، وهي أقسى عملية يمكن أن يواجها مسافر في أي مطار محلي! أثناء وقوفي قبل التوجه للطابق الأسفل منشغلا بالتفكير بمعاناة التسجيل في قوائم الانتظار التي تتسم غالبا بالفوضوية والمحسوبية، أفقت على صوت رجل فيما يبدو من عدد الأشرطة التي تعلو كتفيه أنه مسؤول رفيع في الخطوط السعودية في المطار، قال: «عسى ما شر تبدو مهموما، أي خدمه أقدر أقدمها لك؟! شرحت له مشكلة تأخري على موعد إصدار بطاقات الصعود، فقال تعال نحاول حلها من داخل صالة المغادرة إذا كان هناك مقعد شاغر، اصطحبني إلى الداخل وبالفعل أصدر لي بطاقة الصعود بطريقة يدوية عند بوابة المغادرة ولحقت بالرحلة! لم يكن الرجل يعرفني أو يسدي خدمة لأحد يعرفني، فكل ما قدمه كان بدافع شعور نبيل ومسؤول بتقديم المساعدة متى ما كان ذلك ممكنا لأي مسافر، فهو لم يأخذ مقعدا من راكب آخر و لم يؤخر إقلاع رحلة بل تجاوز كمبيوترا أصم، وأمثاله كثر في الخطوط السعودية لكن للأسف تغيب جهودهم المضيئة أمام حضور أخطاء موظفين آخرين! ما دعاني لاستدعاء هذا الموقف، هو رسالة عاتبة تلقيتها من قارئ دائم عاتبني فيها بأن موضوعيتي التي يقدرها قد غابت في نقد الخطوط السعودية كما غابت في مقالات عديدة لكتاب آخرين مؤخرا عندما مارسنا خطأ التعميم في توجيه النقد ولم نميز بين موظفين يحترقون في هذه المؤسسة لخدمة المسافرين والوفاء بالتزاماتهم بكل مهنية ومسؤولية وبين موظفين آخرين غير مؤهلين وغير مسؤولين ولا يستحقون الانتساب لهذه المؤسسة! يقول في رسالته، إنه في مقابل كل تلك القصص السلبية التي تنشر عن رحلات متأخرة أو معاملات سيئة هي في الغالب تجارب شخصية للكتاب أو معارفهم تجد هناك أضعافها من قصص الرحلات التي أقلعت في مواعيدها والخدمات التي بذلت وقدمت لمسافريها من موظفين مهنيين وذوي مروءة، فلماذا النظر بعين واحدة لصورة معممة! نعم أتفق مع قارئي العزيز .. من الخطأ أن نقع في خطأ التعميم، لكن من الخطأ أيضا أن نتجاوز حقيقة أن الأخطاء لا تتكرر بسهولة في جهاز يضع معايير دقيقة لتقييم أداء موظفيه ويراقب بصرامة التزامهم بها، شخصيا مازلت ملتزما بهدنة مع الخطوط السعودية حتى عام 2012 عندما يكتمل استلام جميع طائرات الأسطول الجديدة فعندها لن يكون للخطوط السعودية عذر في عدم توفر الرحلات أو المقاعد، لكن ذلك لا يعني أن تحصل خدماتها على الأرض أو في السماء على هدنة هي الأخرى، لأن ضمان الأداء الجيد للموظفين لا يحتاج إلى طائرات جديدة وإنما إلى معايير أداء دقيقة حتى تتخلص من أوراقها اليابسة وتبقي على أوراقها الخضراء التي تضمن لها موقعها بين الأشجار الوارفة في حديقة الطيران المدني!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 153 مسافة ثم الرسالة