بعد عودتنا من رحلة الخطوط السعودية إلى فرنسا لاستلام بعض طائرات أسطولها الجديد، والتي جعلت بعض الزملاء الكتاب يؤكدون أن كل من ذهب في الرحلة قد باع ذمته وشرف قلمه للخطوط، كتبت فور وصولي مقالا قلت في بعضه إننا ككتاب سنفقد مصدراً ثرياً ودائما لمقالاتنا لو تحققت بعض الوعود والخطط التي سمعناها من مسؤولي الخطوط، وأضفت أن الأسطول الجديد لا يعني كثيرا دون تطوير شامل لكل أنظمة وخدمات المؤسسة التي لم تعد لها علاقة بالعصر الحديث. الآن أقدم الشكر للخطوط الجوية لأنها فضلت أن تبقى صديقة لمقالاتنا بعدم تقديمها أية مباردة تجعلنا نلمس توجها حقيقيا لتحسين أوضاعها، وبحكم ظروفي التي جعلتني زبونا دائما لمطاراتها وطائراتها وموظفيها فإنني أؤكد أن أوضاعها السابقة رغم تذمرنا منها كانت أفضل مما تسير عليه الآن. الموظفون الجدد من الشباب الذي زج بهم دون تدريب جيد ومهارات كافية لا يفقهون أدنى متطلبات التعامل المهني والسلوكي مع الراكب، الواحد منهم في سن ابنك ولا يعرف كيف يخاطبك أو ينهي إجراءات سفرك، يضرب بأصابعه على الجهاز عشر دقائق أو ربع ساعة ثم يضطر للاستعانة بصديق من الموظفين القدامى الذين تقلص عددهم إكراها أو حفظا لماء الوجه.. خدمات الحجز تزداد سوءاً، أجهزة إصدار بطاقات صعود الطائرة أكثرها لا يعمل، تنظيم المسافرين في المطارات أسوأ من السوء، أما فوضى تأخير الرحلات فيبدو أنها ستظل البصمة المميزة للخطوط السعودية. الساعة الآن الخامسة وخمسون دقيقة من صباح الخميس 21 يناير، حاولت استغلال وقت الانتظار الممل في كتابة المقال، بعد أن تأخرت الرحلة من الساعة الثانية وخمسين دقيقة إلى الرابعة وعشرين دقيقة، إلى الخامسة وخمسين وإلى الآن لا أثر للطائرة في مطار جازان.. قبل ذهابي للمطار كنت أقرأ رسالة من بعض الركاب الضحايا لرحلة من الرياض إلى جدة يطلبون مني الكتابة عن معاناتهم، رسالة طويلة مليئة بتفاصيل تثير الألم والاشمئزاز، فضلت قراءتها مرة أخرى بهدوء وتمعن لأن وقت الذهاب إلى المطار أدركني.. تذكرت رسالتهم الآن وتبسمت رغم أنني قد تعودت على تأخير الرحلات حتى أصبح الأساس بالنسبة لي، تذكرتها وهمست في داخلي قائلا مهما قال المسافرون فلا تظنوا أنهم يبالغون أو يتجنون على الخطوط التي اختارت شعارها «عصر تتسارع فيه خطواتنا» وهي محقة في ذلك لأن خطاها تتسارع إلى الخلف. المسافرون يدفعون للخطوط مليارات الريالات، والدولة تدفع لها مليارات، لكنها تصر على البقاء فضيحة بين كل شركات الخطوط الجوية في العالم، وتعبا دائما للمسافر الذي لا تستحي من شكره على اختيارها وهي تعرف أنه مجبر لا مختاراً. لم يعد ثمة أمل بانتشال الخطوط الجوية من وضعها المتردي وإنقاذ الناس منها إلا بتدخل حاسم وعاجل من المسؤولين. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة