(أيش سيبت للجاهل) تقال هذه الجملة تقديرا للمتعلم حين يرتكب خطأ فادحا. وخلال شهور متتابعة فجعنا بواقعتين من العيار الثقيل صدرت من أستاذين جامعيين، والفجيعة إقدامهما على الانتحار هربا من ضيق الدين. هكذا قرر الأستاذان الجامعيان إنهاء حياتهما وهربا إلى القبر تاركين رسالة تحاول تبرير موقفهما مما فضح موقفهما من تكاليف الحياة الباهظة. وإذا كان كل مدين سوف ينهي حياته بالطريقة التي فعلها الأستاذان، فهذا يعني أن ثلاثة أرباع السكان سوف يعلقون مشانقهم بأيديهم ويتركون رسائل لا تعني سوى الموت. وهي رسالة لابد أن يتنبه لها الجميع، فكما قلت وأقول دائما إنه لا يوجد مواطن إلا وهو متعلق بدين طويل أو متوسط الأجل ولا يجد فكاكا منه إلا تجرع غصة السداد والعيش بالكفاف (وبعضهم لا يصل إلى الكفاف) وأذكر أني طالبت بعد انهيار سوق الأسهم بتدخل الجهات المختصة في شراء ديون المواطنين للتقليل من آثار تلك الفجيعة التي لامست معظم المواطنين وأدخلتهم في ضائقة مالية صعبة. وكان هذا الاقتراح محل استخفاف من قبل البعض معللين أن تدخل الجهات المختصة في مثل هذا الوضع هو تدليل للمواطنين ودفعهم إلى الاتكالية .. ولم يتم التنبه إلى أن ما حدث في سوق الأسهم لم تكن بورصة منطقية بل حدث فيها تلاعب (وطارت الطيور بأرزاقها) أو أنها أخذت (اللقمة من فم الأسد) وحلقت بعيدا، وهي فئة محدودة أبقت بقية المنشغلين في السوق (على الحديدة). وورث المواطنون الديون من طرق مختلفة، فهناك عشرات الألاعيب التي مورست عليهم قد يكون أهمها الأسهم وبطاقات سوا ومساهمات وهمية ومشاريع الفلل المختلفة، وكلها ديون لم يستفد منها المواطن لأن نتيجتها تكشفت عن تحايل (انطلى) عليهم، وغدوا مسددين لقروض لم يستفيدوا منها. وإذا كان أستاذ جامعي لم يستطع دخله المحافظة على توازنه المالي والنفسي، فما بالكم بأفراد أقل دخلا وأرق ثقافة في تحمل صدمات تلك الديون الطويلة أو المتوسطة. كيف لمن دخولهم متواضعة وعليه ديون طويلة؟ وهذا السؤال لم يجب عليه أحد، بمعنى الأثر النفسي والاجتماعي والأخلاقي لهؤلاء المواطنين بعدما وجدوا أنفسهم غير متوازنين مع متطلبات الحياة. إن رسالة الأستاذين الجامعيين كفيلة بدق ناقوس الخطر .. فهل تسمعون الجرس؟. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة