يشير العديد من الخبراء إلى أن من أهم الاستراتيجيات لزراعة الإبداع في المنظمات تطبيق سياسة ترتكز على أربعة عناصر رئيسة، وهي إدارة معنية بالإبداع، سياسة واضحة من قبل الإدارة لمكافأة المبدع معنويا وماليا، تطبيق الإبداع والاستفادة منه في مجال العمل، تكريم الموظفين المبدعين في لقاء رسمي موسع يحضره معظم الموظفين في المنظمة. كما يضيف العديد من الخبراء أن الاهتمام بتشجيع الموظفين على الإبداع أصبح ضرورة وليس ترفا لأن هناك تحديات كبيرة تواجه المنظمات سواء في القطاع الخاص أو الحكومي لأن المنظمات يفترض أن تمارس دورين رئيسين في نفس الوقت وهما إنجاز المهام الموكلة لهذه الأجهزة بشكلها اليومي الذي يلبي حاجات الموطنين وكذلك تشجيع الموظفين على تطوير إجراءات الخدمات المقدمة للمواطنين من خلال إبداعاتهم وتطويرهم لأعمال منظمتهم. ومن أمثلة الاستراتيجيات التي تطبقها بعض الشركات العالمية ما تطبقه شركة جوجل حيث تمنح المهندسين المبدعين أصحاب الأفكار الجديدة يوم راحة كل أسبوع بحيث يتسنى لهم متابعة أفكارهم وتطويرها وقد نتج عن تطبيق هذه السياسة ظهور بعض خدمات جوجل مثل Gmail / Google News A'dsenfa / Orkur، وقد ذكر أحد المسؤولين لشركة جوجل أن نصف الخدمات الجديدة التي وفرتها جوجل أخيرا قد نتجت من الوقت المخصص للإبداع. أما شركة تويوتا فقد أنشأت نظاما لتلقي الأفكار والاقتراحات. هذا النظام يوفر فرصة للموظف لتجربة فكرته بشكل مصغر ثم يتم تنفيذ الفكرة بشكل واسع على المؤسسة بأكملها. وتتيح هذه السياسة حصول الموظف على تكريم معنوي ومادي ونتيجة لهذه السياسة تتلقى الإدارة ما يقارب من مليون ونصف اقتراح سنويا ويتم تطبيق ما نسبته 98 % من هذه الاقتراحات. من الشركات العالمية التي تطبيق سياسة واضحة لتشجيع موظفيها على الإبداع شركة 3م (3m) وهذه الشركة ابتكرت أكثر من (4000) منتج، و تقدم أكثر من 100 منتج رئيس جديد كل عام، ومن المنتجات الجديدة لهذه الشركة مستحضر واقي من الشمس لا يزول حين يقوم مستخدمه بالسباحة، ودباسة يمكن للجراح استخدامها لإغلاق الشقوق بسرعة باستخدام دبابيس معدنية. وهناك تجربتان محليتان تمكننا من زراعة الإبداع بهما، وهما تجربتا معهد الإدارة العامة والشركة السعودية للكهرباء. فعلى سبيل المثال تمكن المعهد من تطويع التقنية في تشجيع الإبداع بين الموظفين، ونستخلص من تجربة المعهد ما يلي: وضع نظام مؤسسي لتوليد الأفكار والمقترحات الخاصة بالبرامج والحلقات التدريبية. إتاحة الفرصة لأعضاء هيئة التدريب الراغبين في طرح أفكار ومقترحات تطويرية للبرامج أو الحلقات القائمة أو إحداث برامج أو حلقات جديدة. حفظ حقوق الموظفين. إشعار عضو هيئة التدريب بأن مقترحه وصل وسوف تتم دراسته. القضاء على عدم الثقة بين المرؤوس والرئيس التي كانت في السابق أحد عوائق الإبداع من خلال إرسال المقترح آليا من عضو هيئة التدريب إلى إدارة تصميم البرامج. منح حوافز مادية للمبدع من خلال تكليفه بتصميم البرنامج أو الحلقة المقترحة من قبله. إن برنامج الإبداع الذي طبق ركز على النشاط الأساسي للمعهد وهو تدريب الموظفين بكافة مستوياتهم الوظيفية مما مكن المعهد من تطوير برامجه أو حلقاته لتواكب التحديات الجديدة والمتغيرات المستجدة. ومنذ بدأ المعهد في تطبيق هذا البرنامج لتشجيع الإبداع بين أعضاء هيئة التدريب في 1/12/1422ه وصلت المقترحات لإحداث برامج تدريبية عامة أو خاصة أو حلقات تطبيقية (97) مقترحا حسب إحصائية 1/1/1428ه. أما في الشركة السعودية للكهرباء فيطبق برنامج «تميز وإبداع الموظفين» لحفز موظفي الشركة على الإبداع وقد طبق للمرة الأولى في عام 1996م في شركة الكهرباء في المنطقة الشرقية ثم طبق على مستوى الشركة الأم في عام 2003م بعد أن تم دمج شركاتها في شركة واحدة. وهو يهدف إلى تشجيع موظفي الشركة للإبداع وطرح أفكار ومقترحات جديدة لتطوير العمل في الشركة، وهذا البرنامج يبدأ من الموظف ويعرض على الرئيس المباشر ويدرس الرئيس المباشر الفكرة وإمكانية تطبيقها خلال فترة لا تزيد عن (15) يوما من تاريخ تقديم الاقتراح، وفي حالة رفض الاقتراح يرسل الرئيس المباشر خطاب شكر للموظف ويبين له أسباب رفض الاقتراح. وفي حالة قبول الاقتراح يحدد الرئيس المباشر تنصيف الاقتراح ونوعه، و يرسل النموذج الأساسي إلى ممثل الإدارة. ويتضمن هذا البرنامج حفظ حقوق الموظف المبدع وتشجيعه معنويا بخطاب شكر وتشجيعه ماليا بإعطائه حافزا ماديا حيث يمنح الموظف 2 % من قيمة الوفر الذي يحققه مقترحه على ألا يتجاوز قيمة المكافأة 20.000 ريال، كما أن الرئيس المباشر يتم احتساب نقاط له بناء على الأفكار الجديدة المقدم من موظفيه ويتم على ضوئها منحه جائزة مالية، فمثلا إذا كان لديه 700 نقطة فأكثر منح جائزة مالية قدرها 2000 ريال وهكذا، وقد حقق هذا البرنامج العديد من النتائج على مستوى الأفكار والمقترحات المقدمة من الموظفين، فعلى سبيل المثال بلغت الاقتراحات المقدمة في عام 2008م (404) اقتراح قبل منها (275) اقتراحا وتم تطبيق 62 % من الاقتراحات المقبولة، وفي 2009م قدم (436) اقتراحا قبل منها (294) اقتراحا طبق ما نسبته 48 % من المقترحات المقبولة. ومن الجدير ذكره أن معظم موظفي الشركة يقومون بتعبئة نموذج اقتراحات الموظفين آليا ما عدا بعض العاملين الميدانيين في الشركة الذين يقومون بتعبئة النموذج الورقي. وفي الختام فإننا نقترح أن تولي الأجهزة موضوع تشجيع الموظفين على الإبداع أهمية كبيرة وأن تضع استراتيجية لتشجيع الإبداع تتلاءم مع طبيعة عملها وثقافتها التنظيمية، وأن تكون واضحة للموظفين وسهلة التطبيق وتتضمن تحفيز الموظفين معنويا وماديا لتتقدم عجلة التطوير وتحقيق أهداف الجهاز. [email protected]