توجه المملكة لإنشاء «برنامج الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي لثقافة الحوار والسلام» وتفويض وزير التربية والتعليم صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله، للتباحث مع منظمة اليونسكو لإبرام اتفاق لإنشاء البرنامج، يعيدنا إلى مؤتمر جنيف العالمي للحوار (2009م)، عندما اقترح عدد من المشاركين في المؤتمر ترشيح الملك عبد الله لجائزة نوبل للسلام، باعتباره صانع ثقافة السلام بين الحضارات. وطالب عضو مجلس الشورى المصري الدكتور نبيل لوقا بباوي (أول من طرح الفكرة)، المنظمات غير الحكومية تبني ذلك، وأضاف: «إن مبادرة الملك عبد الله للحوار سنة حميدة، يؤكد بها سماحة الإسلام مع الآخر، وأنه دين يدعو إلى الحوار مع أتباع الديانات السماوية الأخرى، ولا يدعو إلى الصدام مع الديانات المخالفة. ويشير بباوي (مسيحي له عدة مؤلفات في الفكر الإسلامي)، إلى أن إنشاء برنامج لثقافة الحوار والسلام باسم الملك عبد الله، يؤكد حرص المملكة على إفشاء السلام في العالم، بحكم أنها البلد الذي نزل فيه الوحي السماوي بالديانة الإسلامية، التي يعتنقها ما يقرب من مليار و 200 مليون نسمة في الكرة الأرضية. كلنا يعرف أن التنفيذ الفعلي لمبادرة الملك عبد الله للحوار بدأ من مكةالمكرمة، في حوار «إسلامي إسلامي»، للتشاور حول صيغة موحدة للحوار مع الآخر، منطلقا إلى العالمية في مدريد، باجتماع أتباع الديانات السماوية والثقافات المعتبرة، فخرج وقتها برؤية مشتركة تؤسس لحوار عالمي في تاريخ البشرية، يعقبها اجتماع عالي المستوى في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، منتقلا الحوار إلى المستوى الأممي. حول ذلك، يؤكد الدكتور عبد الله التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي (أول منظمة إسلامية تبنت مبادرة الملك عبد الله للحوار)، أن المبادرة من خلال تلك المؤتمرات واللقاءات خرجت برؤى مشتركة محل اتفاق الجميع، ركزت جميعها على إشاعة ثقافة الحوار والسلام، وتكوين فريق عمل يدرس عوائق الحوار، لإيجاد الحلول التي يراها لإزالة تلك العوائق، موضحا أن إبرام الاتفاقية مع اليونسكو لإنشاء برنامج الملك عبد الله العالمي لثقافة الحوار والسلام، هي نظرة عالمية، خاصة أن خادم الحرمين الشريفين يدرك أن في الرسالات الإلهية، ولدى أتباع الأديان قيما مشتركة ورصيدا كبيرا لمواجهة مشكلات الإنسانية. ولعل تلك المبادرات المتكررة من المملكة وقادتها لنشر ثقافة الحوار والسلام، هي انطلاق نحو خطاب جديد تتبناه المملكة في عصر العولمة والقرية الكونية، وطغيان القيم المادية الخالية من القيم الإلهية أو الإنسانية النبيلة. وهو ما يشير إليه، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور عبد الله بن بيه، الذي يوضح أن هذا الخطاب نابع من القيم الإسلامية، لأن الحوار الإسلامي متسامح لا يقبل الاختلاف، ويتسع لمختلف وجهات النظر والآراء، وهو خطاب إنساني، متصالح، وميسر، ويتوخى مصالح الناس، ويراعي ضعفهم، ومرن، ويقوم على قواطع وثوابت علمت من الدين بالضرورة. هذه هي نظرة المملكة وقادتها إلى الحوار؛ على أنه المؤسس لعلاقات تقوم على الثقة والتفاهم والاحترام المتبادل.