قبل عدة أيام، نشرت وكالات الإعلام العالمية خبرا جميلا عن عالم رياضيات روسي. العالم اسمه «جريجورى بيرلمان» ، وأظنه يهودي كما يدل اسمه على ذلك. وقد قام هذا العالم المتخصص في علوم الرياضيات والفلسفة بإيجاد الحل لمعضلة رياضية عن خصائص الفراغ، كانت مستعصية على علماء الرياضيات، فذاع صيته وانتشر اسمه في جميع الأوساط العلمية الدولية. وقد منح هذا العالم جائزة عالمية من جهة متخصصة مشهورة على إنجازه، ولكنه رفض استلامها. فقد قررت «مؤسسة كلاي للرياضيات»، وهي مركز متخصص في أبحاث الرياضيات يقع في مدينة كامبردج، بولاية ماساتشوستس بأمريكا، منح عالم الرياضيات «جريجورى بيرلمان» البالغ من العمر أربعة وأربعين عاما، جائزتها التي تمنح كل أربع سنوات بمقدار مليون دولار على توصله لهذا الإنجاز العلمي الرائع. ولكن العالم «بيرلمان» أبلغ المؤسسة أنه لا يستطيع قبول الجائزة، ورفض استلام مبلغ المليون دولار! عندما سألته أجهزة الإعلام لماذا رفض استلام هذه الجائزة الرفيعة، أجاب العالم «بيرلمان» قائلاً: «لقد رفضت استلام الجائزة لسبب رئيسي، وهو أنني لا أتفق مع رأي أعضاء المؤسسة، ولم يعجبني قرارهم، وأعتقد أنهم غير منصفين. وفي رأيي أن مساهمة عالم الرياضيات الأمريكي «رتشارد ها ملتون» في حل هذه المعضلة لا تقل عن مساهمتي إطلاقا» يالروعة تواضع العلماء، واحترام جهود الآخرين. وقد علقت مؤسسة كلاي للرياضيات على قرار العالم «بيرلمان» بأنها تقدر وتحترم رأيه، وسوف تستغل مبلغ الجائزة الذي رفض استلامه «بيرلمان» في تطوير حقل علوم الرياضيات. ومن المعروف عن العالم «جريجورى بيرلمان» أنه رفض استلام عدد كبير من الجوائز الثمينة الأخرى لإنجازاته في علم الرياضيات، كما أنه يرفض حضور مراسم احتفالات الجوائز العلمية العالمية، ومن ذلك رفضه في عام 2006م استلام جائزة أو ميدالية «فيلدز»، التي توازي جائزة نوبل في حقل علوم الرياضيات. تأملوا، عالم حقيقي، يرفض استلام جوائز عالمية، وآخرها جائزة مقدارها مليون دولار عن إنجاز رائع في علم الرياضيات قام به فعلا وحققه بنفسه، فقط لأنه يعتقد أن هناك عالما آخر في دولة أخرى ساهم في ذلك الإنجاز بنفس الدرجة ويستحق أيضا نفس التقدير، إلى جانب أسباب أخرى خاصة به تتعلق بمبادئه وخلقياته كعالم، واعتزازه بنفسه وعلمه. ما هذه الروعة ؟ قارنوا هذا التصرف وهذه الخلقيات السامية بما يفعله بعض ربعنا من أفراد مجتمعنا من شراء شهادات عليا مزورة أو مزيفة، وحصول البعض على ترقيات أكاديمية علمية عن طريق تقديم بحوث «فالصو» لا تسوى شيئا، أو مسروقة، أو منتحلة أو مكتوبة من قبل آخرين. قارنوا مبدأ العالم «بيرلمان» غير المسلم، مع تصرفات بعض علمائنا المزيفين وبعض دكاترتنا المزورين الذين اختبأوا عن أعيننا لعدة أسابيع بعد أن حصلوا على شهادة «فك الخط» ثم فجأة ظهروا مثل «الفقع» فوق السطح معلنين بكل فخر واعجاز أنهم قد حصلوا على شهادة الدكتوراه، ليصبحوا بعد عدة أسابيع أخرى «بروفيسورات» في... الغش والخداع وانتحال شخصيات أو ألقاب علمية لا يستحقونها. قارنوا.. أخلاق «بيرلمان»، أخلاق العالم، بأخلاق السوقة والمتسلقين، وتعجبوا. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة