مثلها مثل السيارات الفارهة التي تعمر طويلا ولا يأكل عليها الزمن، ترفض سيارة الكرسيدا ال80 الخروج من شوارع مكة، رغم مرور أكثر من 30 عاما على دخولها إلى السوق مع نهاية السبعينات الميلادية. وفي الوقت الذي بالكاد تراها في أي مدينة أخرى، تجدها في مكة بأعداد كبيرة وتعتبر هذه المدينة حاضنة لها، وعادة ما تستخدم في تحميل الركاب ونقل العائلات والعمال لكنها لا تتعدى حدود الحرم في أغلب الأحيان. حميد النمري، واحد ممن يتشبثون بهذا النوع من السيارات، يسترجع بعض ذكرياته معها قائلا: «دخلت هذه السيارة إلى أسواق مكة في العام 1978م، وذاع صيتها في العام 1980م، وكان سعرها لا يتجاوز 18 ألف ريال آنذاك، لكن إقبال الناس عليها زاد من سعرها على مدى 15 عاما، وبيعت أنواع منها في السنوات الأخيرة بنحو 22 ألف ريال». ومن فرط تشبثه بهذه السيارة يؤكد النمري، أنه سيدفع 50 ألف ريال في حالة وجود سيارة جديدة من النوع ذاته، لكنه لا يخفي شكواه من نفاد قطع غيارها من أغلب الأسواق واستبدالها بالقطع المستعملة غير الآمنة. أما فازع بن صالح اللحياني (73عاما)، الذي يعتبر من قدامى السائقين وصاحب معرض سيارات في مكةالمكرمة، فيرجع سر تواجد هذه السيارة المعمرة في شوارع مكة إلى بساطة محركاتها وأدائها المميز، ويكشف بعض التفاصيل المهمة في تاريخ السيارات القديمة في مكة، «تاريخيا يعتبر سوق الرخوم في حي جرول أقدم سوق للسيارات، ويظل (عبدالله نايته) من قدامى الدلالين في أوائل السبعينات الهجرية، وكانت طريقة البيع تعتمد على التجول بالسيارة لطلب المزايدة، فيما يظل معرض العريشي أول معرض للسيارات في مكةالمكرمة»، ويضيف «ومن أقدم محطات الوقود في العاصمة المقدسة محطات الطاسان والنويصر في العتيبية والعدل والسند في حي الزاهر، وكانت تستخدم المضخات اليدوية». وأشار اللحياني، إلى أن معارض السيارات تم نقلها إلى العزيزية ما بين عامي 1381ه و1400ه في موقعها الحالي بطريق عرفات، مشيرا إلى أن الجمال كانت أهم وسيلة لنقل الخضار والبضائع في مكةالمكرمة، حتى ظهرت السيارة في العام 57 ه، وكانت جرول والحلقة القديمة في حي النقا محطات لقوافل البدو».