فتحت جدة صدرها واحتضنت أبناءها. فرحت حد البكاء. شهقت مثل أم مغتبطة. فرحة تلف صدرها وتسري في شرايينها. نظرت جدة الأم إلى أكبادها الأوفياء يزفهم أمير الوفاء والتكريم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة. أغرورقت عينا عروس البحر الأحمر بالدمع. نامت جدة بقلب رضي مطمئن إلى مستقبل أكثر ابتهاجا على أيدي بناتها وأبنائها المسكونين بالمسؤولية وفعل الخير. عانق الحاكم الإداري لمنطقة مكةالمكرمة بابتسامته وإرادته وصدق ووضوح رؤيته قلوب الحاضرين، حاسما المضي إلى المستقبل بعزيمة أن تكون هذه المدينة أكثر جمالا وتطورا وحضارة. البارحة الأولى احتفت جدة أرضا وناسا وبحرا بخمسة آلاف متطوعة ومتطوع بذلوا أنفسهم وأوقاتهم من أجل إنقاذ منكوبي فاجعة جدة ومساعدتهم بكل حب وتفان وإخلاص. جاء الحفل كما وعد أهل عروس البحر الأحمر عندما ضمدت جراحها وتحول الجزء الشرقي من قلبها النابض إلى واحة أكثر أمانا منطلقة وفق مخططات حديثة سيجعل منها مدينة مستقبل بالمقاييس كافة. رفع أمير الوفاء يده محييا المتطوعين وسط عاصفة من الحب والتصفيق والاحتفاء بالأمير الذي جاء ليقول لهم من أعماق قلبه: «شكرا شباب الوطن». رفض الأمير خالد الفيصل مقترحا على الهواء أن تحمل الحديقة التي أمر بإنشائها كي تحمل أسماء كل المتطوعين بأن تكون باسمه بعد أن أطلق عليها مسمى «شباب جدة» ورفع كفه مؤكدا رفضه القاطع إلا أن تكون لشباب جدة الذين عقدوا معه صفقة حب أبدية أعلونا عنها. أثار أمير مكة الشاعر والمثقف والمفكر أشجان الحاضرين بكلمة، أكد الحاضرون أنها ستبقى خالدة في وجدان الوطن مخاطبهم بأنهم «فرحة عبد الله وابتسامة سلطان وقرة عين نايف». مشددا ورافعا يده «شرفتموني يا شباب»، باذلا أعز ما يملك «فلكم حياتي يا شباب». لتهب عاصفة من الحب لم تهدأ في لوحة عناق جماعية بين الأمير خالد الفيصل وأبنائه بنات وشباب جدة. ثم عطر المكان على طريقته العفوية هاتفا بقلبه : «والله تستاهلون أكثر».