تساءلت، وباريس تستقبل وفدا ثقافيا سعوديا بدعوة من سفارة المملكة في باريس، عما إذا كانت المدن تصنع هامش نشاط السفارات، أو أن هامش نشاط السفارات هو ما يصنع المدن. كانت باريس، التي اعتدنا أن نمر بها سياحا لا نكاد نرى فيها غير متاجرها وشوارعها ومقاهيها، تفصح لنا عن وجه آخر تتراءى فيه منابر للثقافة، تلوح مرة في معهد العالم العربي ومرة في المكتبة الوطنية ومرة ثالثة في معرض اللوفر، ولم يكن لكل ذلك أن يجتمع لنا في أيام معدودة لو لم يكن ثمة ترتيب هيأت لنا من خلاله السفارة السعودية في باريس فرصة زيارة تلك المنابر والالتقاء بمسؤوليها وروادها والاطلاع على أهدافها وآليات عملها عن كثب. عدت أسأل نفسي عما إذا كانت باريس بما لها من وهج وحضور ثقافي قد منحت سفارتنا فرصة أن تمنح الدبلوماسية وجها ثقافيا مشرقا، أم أن وعي سفارتنا بالمفهوم الشامل للعمل الدبلوماسي مكنها من أن تستثمر وهج باريس لتسجل حضورا سعوديا في هذا الوهج، وإذا ما علمنا أن باريس بكل ما لها من تميز ليست عاصمة النور الوحيدة في العالم، فلكل عاصمة نافذة تفتح على النور كما أن في كل عاصمة سفارة لنا يمكن لها أن تستثمر البعد الحضاري السعودي من أجل صياغة حضور سعودي في المشهد الثقافي للبلد الذي تمثلنا فيه، إذا أدركنا ذلك كان لنا أن نرى أن باريس بكل ما لها من وهج لم يكن لها أن توعز بما تحقق للوفد الثقافي السعودي من فرصة لزيارة منابرها الثقافية والالتقاء بصناع الثقافة والإعلام فيها لو لم تكن سفارتنا هناك، وعلى رأسها سفير المملكة في باريس الدكتور محمد آل الشيخ، مدركة أن مفهوم العمل الدبلوماسي أكثر اتساعا من أن يتوقف عند حدود تدعيم العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، وأن تمثيل خادم الحرمين الشريفين يقتضي التأكيد على أن للمملكة بعدا ثقافيا لا يقل أهمية عن الأبعاد الأخرى والمتمثلة في الجوانب السياسية والاقتصادية، ولهذا التقطت سفارتنا في باريس مناسبة فوز الروائي عبده خال بجائزة البوكر لتصنع منها حدثا شكل حضورا سعوديا عبر عنه وفد من المثقفين والمثقفات والإعلاميين والإعلاميات، كما عبرت عنه جملة من الأنشطة الثقافية التي تمثل أصدق تمثيل ما يمكن أن يندرج تحت إطار حوار الحضارات والانفتاح على العالم. تساؤل أخير يمكن له أن يضع نهاية مفتوحة لهذا المقال: ماذا لو كان لنا في كل بلد سفارة كسفارتنا في باريس؟ وماذا لو كان لنا في كل بلد سفير كالدكتور محمد آل الشيخ؟ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 165 مسافة ثم الرسالة