مازالت القصص المتشابهة تروى على صفحات الجرائد تباعا، فالشاب الذي حاول الانتحار وقبض عليه الأمن في النهاية كتب تعهدا على ألا يحاول الانتحار مرة أخرى وترك. المدهش أن امرأة حاولت الانتحار لكنها لم تكتب تعهدا بل جرت للمحكمة، ففي منطقة الباحة حاولت امرأة حامل الانتحار بسبب الضغوطات النفسية وتناولت 46 حبة مسكنة، فتم تحويلها إلى محكمة الباحة بتهمة الانتحار وحكم عليها بالسجن ثلاثة أشهر أو حفظ ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم. بالأمس القريب أنهى شاب حياته داخل مركز شرطة محافظة بقيق، إذ قام بشنق نفسه بعد أن خلع ثوبه وربطه في باب التوقيف ثم لفه حول رقبته حتى فارق الحياة، وكان التوقيف بسبب والده الذي سلمه لشرطة بقيق إثر خلاف أسري بين الشاب وأفراد عائلته. ولست أدري هل حاول أحد اليوم أو ربما غدا الانتحار فقبض عليه الأمن وأجبر على كتابة تعهد بعدم تكرار المحاولة أو حول إلى المحكمة كما حدث للمرأة الحامل أو انتحر في قسم الشرطة كما حدث بالأمس القريب؟ ما أعرفه أن على أقسام الشرطة إعادة النظر في مثل هذه القضايا، فالانتحار ليس جريمة يعاقب عليها الشخص بالسجن، بقدر ما هو مرض، ومن حق المريض أن يجد علاجا في المستشفى. ما أعرفه أيضا أن على المحاكم رفض مثل هذه القضايا؛ لأن هناك فارقا كبيرا بين المجرم والمريض، فالمجرم قام بفعلته بإرادة واعية، فيما المنتحر لديه خلل في الدماغ، لهذا من الظلم وضعه في خانة المجرمين. ما أود قوله هنا: أما آن الأوان يا مراكز الشرطة ويا محاكمنا لإعادة النظر في آلية التعامل مع المنتحرين، وأن تسمح للأخصائيين النفسانيين الدخول لأقسام الشرطة، وأن يوجد قسم في كل مراكز الشرطة مختص بدراسة هذه الحالات وتحديد هل هذا مجرم يستحق العقاب، أم مريض نفسي من حقه علينا أن نعالجه؟ وأن تتعامل المحاكم مع قضية «محاولة الانتحار» على أنها ليست جريمة لتصدر حكما فيها، بقدر ما هي مرض أصاب إنسانا، وعلى المجتمع أن يوجد له المكان المناسب ليتم علاجه. إن القصص والواقع يخبران أننا إلى الآن لم نفعل شيئا حيال هذا، والخوف أن يخبئ لنا المستقبل كارثة، إذ يجبر شخص حاول الانتحار على كتابة تعهد، فيخرج ضحية «الاكتئاب» ليقتل أسرته ثم ينتحر كما يحدث عادة من الأشخاص المصابين بمرض الاكتئاب، فيبكي المجتمع على اللبن المسكوب. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة