نقش الأمير بدر بن عبد المحسن أجمل قصائده على ذاكرة متذوقي الشعر الذين حضروا البارحة الأولى في احتفال «ومض» الثقافي في الرياض. البدر بدأ أمسيته التي يعود ريعها إلى الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام (إنسان) بقصيدة وطنية عن خادم الحرمين الشريفين الذي وصفه ب «مليك كل عربي حر عزيز»، وعلى إيقاع تصفيق الجمهور تحية للقائد المحبوب كانت تلك الهدية الأكثر ملاءمة لذكرى البيعة التي تتزامن مع وقت الأمسية المشتركة بين الخير والشعر، يقول البدر في قصيدته: «كل شمس وكل ديم وكل نور في عتيم اجتمع في إنسان واحد خالقه ربي عظيم» البدر الذي وقف تحية للقائد الوالد الملك عبد الله بهذه القصيدة، صافح جمهوره بقصيدة أخرى جاءت من إلهام سلطان الخير الذي التقى البدر فعاتبه على فترة غيابه، ليسطر البدر إجابته في أبيات اعتزاز شجية تستعذب العتاب إجلالا لصاحبه، وتفرح بالغياب الذي يضع للغائب مكانة في فكر شخص كريم، وحينها لا يملك البدر إلا أن يستزيد .. ليستزيده محبوه «حضورا». يا سيدي زدني غضب منك وعتاب ترى الحظيظ اللي يهمك عتابه تقول غبت وغيبتك مالها اسباب والغايب اللي سيدي مادرى به خالد الحب إبداع البدر استمر منهمرا على أسماع جمهوره ومحبيه، بقصيدة «خالد الحب» كتبها بمناسبة الندوة التي دعت إليها دارة الملك عبد العزيز لدراسة تاريخ وسيرة الملك خالد بن عبد العزيز، أعقبها بقصيدة «ثقلت خطاي» التي تضم بوحا وجدانيا شفيفا لا يخلو من لمسة الحزن ولا تنقصه حكمة التجارب في مشهد شعري يتوحد فيه الشاعر والإنسان وقوفا عند رب العالمين ورجاء لفضله وكرمه: «ثقلت خطاي وكن الأيام فوقي وصخر الجبال وتحتي الريح والعج لا والله الا صار ما ارجيه عوقي غير الذي عن طلبته ما اتحرج» البدر أضاء أرجاء الأمسية وسط حضور كبير، مستعيدا مراحل شتى من حياته ومواقفه المميزة وقصائده التي حفظتها الذاكرة الثقافية والفنية، ومثلت في مجملها مشروعا تجديديا رائدا على مستوى الأدب في المملكة، غير أن الجديد الذي احتفى به البدر في أمسية «ومض» هو أن يكرس مشروعه الإبداعي لخدمة عمل الخير وتفعيل القيم الإنسانية التي لا تنفصل عن شفافية روح المبدع ورهافة حسه. أمسيات مماثلة ووصف البدر الأمسية ب «مفاجأة» بعد أن توافد الآلاف من عشاقه لمقابلته بعد غياب طويل، قائلا: «فوجئت بهذا الجمهور، وأعتز به كثيرا»، واعدا جماهيره بأمسيات مماثلة في المستقبل القريب. البدر أعلن انطلاق الأمسية، مؤكدا أن الهدف منها فعل الخير، قائلا: «أتيت لأقدم أفضل ما لدي، وأتمنى لو كان لدي ما هو أفضل منه لأقدمه.. فمن الشرف لي أن جمعية إنسان قد أوجدت في شخصي حافزا لدعمها، في هذه الليلة كل طفل أو شاب من الجمعية هو نجم الحفل، هم من كتبوا الشعر ورسموا اللوحة وألفوا الكتاب، ولولاهم لم يكن هذا كله ليكتمل». وازع الخير وفي لقاء صحافي قال: «أنا أكثر سرورا بهذه المناسبة لسببين: أولهما أنها أمسية خيرية لجمعية إنسان، أما السبب الثاني أن المنظمين كرموني وكرموا الجمعية، بعد أن أتت الجماهير ودفعت التذاكر من باب وازع الخير أكثر من وجودي». وأضاف: «أعتقد أن الناس محبون للثقافة والاطلاع ومقابلة الأدباء الكبار والشعراء، وبالإمكان أن يكون لهم إسهام في الأعمال الخيرية». ليلة الثلاثاء لم تكن عادية في مساء الرياض، فالجمهور ملأ القاعة مبكرا بانتظار إطلالة البدر التي اشتاق إليه الكثيرون بعد عودته في أوبريت الجنادرية «وطن الشموس»، حيث انطلقت الأمسية بتقديم أحمد الحامد، وبعد أن شاهد الحضور فيلما وثائقيا تضمن نبذة عن جمعية (إنسان) وفروعها.