في طفولتي ومراهقتي كان منفذي إلى عالم الآخر (مهما كان هذا الآخر قريبا أو بعيدا) هو القراءة أو الكتابة، حتى من كنت أود مصارحتهم والبوح لهم ولا تسعفني الكلمات المنطوقة، يأتي التدوين ليرتق فجوة القدرة على التعبير لهم، على مستوى آخر كان تعليم الهوامش ومناقشة السطور على مستوى الكتب أو المقالات التي التهمها يتقدم على كل أسلوب حواري، وهو أسلوب يغيب فيه الآخر ويستحضر في الذاكرة فقط. عرف جيلي بعدها عالم الإنترنيت ومعه انتقلنا إلى عالم الحوار المباشر في المنتديات، لكنه للأسف غالبا مع المجهول ومفرغ من إسقاطاته التي تؤكد عدم انفصام المتحدث عن واقعه، بمعنى أنه يتعايش مع ما يقوله في حواره ولا يتناقض معه ولو في الحد الأدنى على الأقل!!. في الإعلام كمهنة تحاورت مع المئات وعرفت لونا آخر من الحوار، وربما يكون أكثر التجارب نضجا، لأنه منحني فرصا للابتعاد عن دوائر الذاتوية أصبحت استوعب الآخر لذاته استمع وأتابع وأتأمل وأتأثر وربما أتفاعل .. لكن نضجا من نوع آخر يعتري حالة الحوار. بعد انطلاقة مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أصبح للحوار في شكله العام مذاق آخر احتشدت الطاقات الوطنية من كل أرجاء الوطن والإنسان البسيط والبعيد تواجد كل في تخصصه مهما كان موقعه تحت قبة وطنية ترمز إلى أهمية الوحدة، وإن اختلفت الآراء والمذاهب والتوجهات، ولعلها ميزة أن يحلق القائمون على مركز الحوار الوطني إلى مناطق المملكة لنشر هذه الثقافة وعدم حصرها في المناطق الرئيسية، ما منحنا إضاءة مهمة توحي بأن هذه القبة ترمز للوطن وما ينتظر من «المواطن والمواطنة / المتحاورين»، والجميع على قدم المساواة عليهم أن يترجموا تطلعات تليق ببلادنا على مستوى الفكر والثقافة والمواطنة. واعتبر انتقال المركز بمعداته وموارده البشرية إلى أرجاء الوطن وتحمل إرهاق السفر من أهم الخطوات وأكثرها حساسية، وهو ما شهدته وما يحمله من تفاصيل لا ينتبه إليها إلا من هو قريب قادر على فهم أن الكرسي الذي يجلس عليه المحاور في أحد اللقاءات في منطقة من المناطق هو نفس الكرسي الذي جاب أرجاء بلادنا لينشر هذه الثقافة .. اليوم تحاورنا مع بعضنا البعض «رئة» نستحقها .. ويستحقها الوطن من أجل ما نحلم له بالأجمل اليوم يتساجل أبناء وبنات الوطن حول الخطاب الثقافي وننتظر ما يتمخض عن هذا اللقاء المهم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 239 مسافة ثم الرسالة