لم تزل ذكريات الزمن الجميل للشاشة والأثير حاضرة ومستقرة وينازعنا الحنين إليها رغما عن الانفجار الفضائي وإعلانه عن حقبة تكدس القنوات ومواقع الإنترنت وظهور الساقط واللاقط. آنذاك لم يكن للمتلقي خيار في تعددية مصادره، وكان مجبرا على التقلب بين وسيلتين: إما احتضان مذياعه أو التسمر أمام شاشة القناة الأولى أو يلجأ إلى القناة الثانية عند نقل المباريات، فكونت هذه العلاقة صداقة مع نجوم الشاشة و«المايك» في ذلك الوقت إذ لم يكن خيار «زر» التغيير متاحا، فحفظنا صورا وأصواتا لعوني كنانة وغالب كامل وزهير الأيوبي وبدر كريم وماجد الشبل وغيرهم، فضلا عن معلقي المباريات الكروية: زاهد قدسي وسليمان العيسى ومحمد رمضان.. لم تزل لحظاتهم عالقة في الذاكرة حتى اللحظة. قد يكون جيلي هو آخر اللاحقين بذلك الركب، وجل ما تختزنه الذاكرة كانت لتجليات ماما دنيا بكر يونس في برامج الأطفال وحماسة إبراهيم الراشد رحمه الله على جولات سنوكا وتوني جاريا وأندريه العملاق في المصارعة الحرة دون إغفال لفوازير «مشقاص»، وكثير من كلمات أغاني الأطفال وشارات البرامج نرددها على حين «ذكرى»: ذاكر دروسك أول بأول.. تنجح وتصير الأول، وكان السهر إلى لحظة انتهاء البث عند 11 مساء ضربا من ضروب المفاخرة في أوساطنا. كانت الأمنية في ذلك الوقت أن أغدو كما غدا لسان ماجد الشبل وهو يعلمني نطق الشعر والتلذذ في قرع أبياته، أو استعارة مخارج الحروف عند بدر كريم للتغني حرفة وتطبيقا بسلاسة وجمال لغتنا العربية، وكان لهما ولبقية زملائهما الوقع الكبير على جيل نشأ بين بديع قولهم وقوة حضورهم، ويدور الزمن لأقف وجها لوجه أمام أستاذي بدر كريم في حوار مباشر كنت في عادتي أستعد له قبل ساعتين من موعد البث، أما مع هذا الضيف فكان يومي كاملا مشغولا بالإعداد له، إذ لا تمر عليه السقطات مرور الكرام، وكما يقال: من مأمنه يؤتى الحذر؛ لحنت لحنا جليا في مقدمتي، فلم أنتظر والتفت إليه قائلا: أعرف.. لقد أخطأت، فابتسم وأكرمني بعد اللقاء بمقال شد فيه من أزري، ولم يزل في كل لقاء يصر على وصفي بالزميل ويزجي النصح والتوجيه. في الأسبوع الماضي بز نادي الرياض الأدبي بقية أقرانه بليلة وفاء لجيل المبدعين والرواد في الإذاعة، كان الألق فيها منازعا للألق وهو بحضرة رواد أسسوا لجيل إعلامي لاحق مدرسة الصمود والإبداع وقداسة اللغة العربية، وكم تمنيت أن تفرد تجاربهم كمادة تقنينية لكل ملتحق بركب الإعلام. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة