قبل أسبوعين فقط من انطلاق مونديال كأس العالم لكرة القدم، الذي يتابعه مئات الملايين من البشر من مختلف دول العالم، وفي ملاعب يحتشد فيها عشرات الآلاف، ويتابعها عبر الشاشات مئات الملايين من المشاهدين، وآلاف الصحف والمجلات والفضائيات والمواقع الالكترونية، وفي عالم يموج بالمشكلات والمشاحنات والحروب والنزاعات، على خلفية سياسية أو دينية أو مذهبية أو إثنية أو عرقية، فإن احتمالات استخدام شعارات تعبر عن الانتصار لأحد أطراف هذه النزاعات المتفجرة في عالم اليوم، واستثمار هذه الأجواء الاحتفالية الحاشدة إعلاميا وسياسيا. هذه الاحتمالات تظل قائمة، إن لم تكن مرجحة، سواء من جانب اللاعبين أو الجهاز الفني أو الجماهير، خاصة أن البطولة تقام في جنوب افريقيا، وهي دولة تنتمي إلى العالم الثالث، وعانى مواطنوها على مدى عقود طويلة، مع مواطنين كثر من دول القارة الافريقية التي تنتمي إليها من العنصرية البغيضة، ولاسيما في ظل حالات سابقة شهدت فيها الملاعب أو الملابس الرياضية للاعبين رفع شارات وشعارات وعبارات تحمل مضمونا سياسيا أو دينيا معينا. وتتعدد أشكال رفع الشعارات، ويتصاعد الجدل عقب بعض هذه الوقائع، حول ما إذا كان ملائما أن تتحول ملاعب الكرة إلى ساحة لتسويق الشعارات الدينية والسياسية، فمن قراءة فاتحة القرآن الكريم التي يتحلق اللاعبون على شكل دائرة لقراءتها في بداية المباراة، إلى سجدة الشكر بعد إحراز هدف، أو رفع الأيادي بالدعاء والتضرع إلى السماء قبل تسديد ضربات الجزاء، أو إشارات التصليب من اللاعبين قبل النزول إلى أرض الملعب، كذلك من ذبح العجول قبيل المباريات تمنيا وتيمنا بتحقيق الفوز، أو شكرا وعرفانا بعد تحقيق الفوز!!. وقد واجه الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحادات الإقليمية الأخرى هذه الشعارات بإعلان عقوبات ضد بعض القائمين بها، مؤكدا رفضه لأن تكون الملاعب وملابس اللاعبين مسرحا لأي ممارسة أخرى غير رياضية، مطالبا بالفصل بين السياسة والرياضة. وتنص لوائح الفيفا على أنه «يمنع على اللاعبين ارتداء قمصان تحمل صورا أو شعارات لتيارات سياسية أو دينية، وإذا ما كشف اللاعب عن هذه الشعارات، فمن حق الفيفا معاقبته»، وقد لوح الاتحاد الدولي أو وقع بالفعل عقوبات على بعض اللاعبين، ولا سيما المتضامنين مع قضايا عربية إسلامية، لقيامهم عقب إحرازهم الأهداف برفع شعارات اعتبرها الاتحاد منافية للرياضة. لكن السؤال هنا، هل يطبق الاتحاد الدولي لكرة القدم هذه المعايير بموضوعية وتجرد، أم أن هذا التطبيق يكون حاسما إزاء شعارات معينة، ويتراجع ويتلاشى تجاه شعارات أخرى؟!. [email protected]