ليس سهلا أن يعرف الناس شخصية تقلدت منصبا عاليا، لكن فطرة الناس لا تخطئ قط في اكتشاف جذور هذه الشخصية، وماهيتها. لا يذكر خالد بن عبد العزيز، حتى تزعرد العيون، وتلهج الأنفس بفضائله، وصلاحه، وتقواه. لا يستغربن أحد منكم أن يزجر الملك خالد ابنته الأميرة موضي بقوله: «ويش شايفين نفسكم عليه؟» (صحيفة الوطن، 27 جمادى الأولى 1431ه، ص 32) هذه بديهية من فضائل خالد بن عبد العزيز التي لا تحصى، ذكرتني بها الندوة العلمية لتاريخه، التي نظمتها دارة الملك عبد العزيز بالرياض من: 25 27 جمادى الأولى 1431ه 9 11 مايو 2010م، وقدمت فيها ورقة تحت عنوان «قراءة في فكر الملك خالد بن عبد العزيز .. نماذج منظورة». عرفته عن قرب، مذ كان وليا للعهد، عندما كلفت بتسجيل كلمته للمواطنين، بعد مبايعته فور استشهاد الملك فيصل بن عبد العزيز. ما إن استهل قراءة الكلمة، حتى راح يجهش ببكاء مر، الأمر الذي اضطرني إلى التوقف عن التسجيل. استمر بكاؤه المر لست محاولات تسجيل .. في المحاولة السابعة ضبط أعصابه، واستعاد هدوءه إلى حد ما، فتلا الكلمة، لكنه انخرط في نوبة بكاء طويلة، بعد انتهاء التسجيل. شاء الله أن تتوثق معرفتي بالملك الصالح الرؤوف رحمه الله، حين كلفت بالمتابعة الإعلامية لبعض نشاطاته الرسمية، داخل المملكة وخارجها. ثمة موقف مفصلي في حياتي: إبان انعقاد المؤتمر الإسلامي الثالث في مكةالمكرمة، كان الملك خالد يستقبل ضيوفه في مدينة الطائف، وكانت هناك فترة استراحة لتناول طعام الغداء، فطلب مني إبلاغ أعضاء الفريق الإعلامي لحضور المأدبة. وهو يتناول الطعام، بادرني الملك خالد: «لوين وصلت في الدراسة يا كريّم؟» أجبت: «نلت الشهادة المتوسطة» فتابع متسائلا: «وبعدين؟» قلت: «إن كانت في العمر بقية، سأكمل دراستي حتى الدكتوراه إن شاء الله» فما كان منه رحمه الله، إلا أن أومأ بسبابته للحاضرين، بابتسامة مداعبة، وكان من بين الحضور عدد من الوزراء حملة شهادة الدكتوراه، قائلا: «تبي تصير مثل ذول.. خلك يا رجّال كذا أزين». بمثل هذه البساطة العفوية عاش الملك خالد يتعامل مع الناس، كل الناس. حكى لي كثير ممن التقيت بهم، أثناء اتفاقي مع «مؤسسة الملك خالد الخيرية» لتسجيل التاريخ الشفوي للملك الصالح، روايات عديدة، إن بسطتها لكم هنا والمجال لا يتسع لعرفتم كم كان خالد بن عبد العزيز إنسانا، بسيطا، متواضعا، شفوقا، محبا للخير، محبا لوطنه ومواطنيه. [email protected] فاكس: 014543856 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة