رأى رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الدكتور زهير نواب أن بناء 11 سدا احترازيا في الأودية المحيطة بمحافظة جدة بتكلفة تصل إلى مليار ريال، أجدى من فكرة نزع ملكيات المساكن الواقعة في حرم الأودية الكبيرة التي تصب في المدينة، كون نزع الملكيات ربما يؤدي إلى أزمة سكن قياسا بالمساحات الكبيرة التي ستنزع إلى جانب كلفتها العالية . وأكد رئيس هيئة المساحة الجيولوجية في حوار مع «عكاظ» أن السدود الاحترازية حفظت شمالي جدة من كارثة محققة خلال فترة السيول، موضحا أن السد الترابي لبحيرة الصرف الصحي وكذا السد الخرساني منعا جريان السيول من وادي محرق وحالا دون وقوع خسائر أكبر مما حدث في قويزة. وأوضح الدكتور نواب أن دراسة مشاكل الأمطار في مناطق المملكة كافة أمر يحتاج إلى كثير من الوقت، مشيرا إلى أن الدراسة ستبدأ من مناطق محددة مع وضع جدول زمني لكل منطقة.. إلى تفاصيل الحوار: • أمر خادم الحرمين الشريفين بدراسة مجاري السيول والأودية في كافة مناطق المملكة .. ما تعليقكم؟ لاشك أنها تأكيد على استشعار خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد والنائب الثاني، بالمسؤولية الكبيرة تجاه الوطن والمواطن، ودائما ما تكون القرارات عادلة ومدروسة تتناسب دائما مع حجم الأحداث. • كيف سيكون مستوى التنسيق مع الجهات ذات العلاقة بالدراسة؟ دراسة مشاكل السيول والأمطار في جميع مناطق المملكة مشروع ضخم، وهيئة المساحة الجيولوجية واحدة من ثلاث جهات، والأمر يحتاج إلى اجتماعات مكثفة لطرح الأفكار، والخروج بدراسة موحدة لرفعها للمقام السامي. • وهل ستبدأ الدراسة الخاصة بجمع المعلومات من الصفر لتقييم الوضع بالكامل؟. في ما يتعلق بالهيئة لن نبدأ من الصفر، لدينا ثروة هائلة من المعلومات، نتجت عن ضخ الدولة ميزانيات ممتازة لوزارة الثروة المعدنية سابقا وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية حاليا، والتي تعتبر امتدادا لأعمال تمت منذ 40 عاما. • وهل سيتم استخدام تقنيات جديدة للمساعدة في تسريع الدراسة وتقليل نسبة الأخطاء؟ هنالك فرق فنية متخصصة تابعة لهيئة المساحة الجيولوجية، على دراية باستخدام التقنية الحديثة ونحن على تواصل مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والتي لا تألو جهدا في إمدادنا بصور الأقمار الصناعية، التي تساعدنا وبشكل كبير في تسريع إجراءات الدراسة. • كم ستستغرق تفاصيل الدراسة في المملكة؟ لاشك أنها ضخمة، ستستغرق سنوات طويلة، خصوصا إذا تحدثنا عن دولة في مساحة المملكة، ولكن كلما انتهينا من دراسة منطقة، سنستفيد من معطياتها ومعلوماتها خلال دراسة المنطقة التي تليها، وبالتالي تسهم في تسريع الدراسة. • ما هي الأسس التي على ضوئها يتم اختيار المناطق التي ستنطلق منها الدراسة؟ هذا الموضوع سابق لأوانه، نحتاج إلى اجتماعات مع الجهات المكلفة، ورغم ذلك أرى ضرورة أن تكون الأولوية لبعض المناطق وفق معايير محددة، لا تخرج عن معيار عدد السكان وكبر الأودية ومساحتها، والمخاطر المحتملة الناتجة من السيول على البنية الأساسية، وسيتم وضع جدول زمني لدراسة هذه المدن. • هذا يعني أنكم لم تجتمعوا حتى الآن مع بقية الجهات؟ القرار الصادر من مجلس الوزراء أعلن الأسبوع الماضي، وننتظر توزيعه على الجهات رسميا، لنبدأ الاجتماعات والتواصل فيما بيننا للإسراع في بدء دراسة جريان السيول والأودية. • الدراسة التي تجريها هيئة المساحة حاليا على شرقي جدة، هل سيستفاد منها في الدراسة العامة لمناطق المملكة؟ بالتأكيد، ومن جميع الدراسات السابقة المتعلقة بالأمطار في المناطق الأخرى من المملكة. • ماذا تم حيال الدراسة الخاصة بأودية جدة؟ هيئة المساحة الجيولوجية أعدت الدراسة لصالح أمانة جدة، واعتمدت من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، ولدينا دراسة مماثلة لشرق طريق الحرمين بالتعاون مع جامعة الملك عبدالعزيز. والدراستان ضمن الحلول العاجلة للتغلب على مشاكل الأمطار، فيما لو تكررت لا سمح الله. • هل الدراسات الجيولوجية والقرارات الصادرة من الأمانات، كفيلة دون غيرها بدرء مخاطر السيول؟. أشكرك على هذا السؤال، مسؤولية المواطن كبيرة، ودوره مهم في تقليل خسائر الأمطار، من خلال عدم البناء في بطون الأودية ومجاري السيول، وأخذ الحيطة والحذر قبل وأثناء وبعد هطول الأمطار، فالأمطار التي هطلت على جدة كانت بكميات غير مسبوقة، ولو هطلت في أية دولة أخرى من دول العالم لكان لها آثار جانبية أكبر. ففي فرنسا توفي 36 شخصا بسبب الأمطار التي كانت نسبتها أقل بكثير من أمطار جدة. • أعود للدراستين، هل تم الانتهاء منها؟ إحداهما في مراحلها النهائية، وتتعلق بوادي قوس، والدراسة الثانية تحتاج إلى ستة أسابيع عن وادي مشوق ووادي غليل، وهي أفضل المواقع لبناء سدود احترازية لدرء مخاطر السيول الجارفة. • هل ترون بأن السدود هي الحل المناسب؟. بالتأكيد، ولدينا نموذج على أهمية هذه السدود الاحترازية، والتي حفظت شمالي جدة من كارثة محققة خلال أمطار جدة، فالسد الترابي لبحيرة الصرف الصحي والسد الخرساني، منعا جريان السيول القادمة من وادي محرق، وحالا دون وقوع كارثة في شمالي جدة كانت ستكون أكبر مما حدث في شارع جاك وقويزة، لأن الحوض المائي في المنطقة القريبة من السدين يساوي ثلاثة أضعاف حوض وادي قوس، ولولا السدان بعد الله سبحانه وتعالى لوصلت السيول إلى شارعي حراء والتحلية. • وهل ستعمل السدود بالشكل التقليدي القائم على حفظ المياه فقط؟ بناء سدود احترازية بأحجام معقولة يساعد في تأخير جريان كميات كبيرة من المياه، وحجزها في السدود التي سيتم اقتراحها في الأودية الثلاثة التي ندرسها حاليا، ومن ثم يمكن تصريف المياه إلى قنوات التصريف حسب قدرتها الاستيعابية لإيصالها إلى البحر بشكل متقطع على مدى سبعة أيام، بدلا من وصولها خلال ست ساعات. • ألا يمكن الأخذ في الاعتبار الاستفادة من مياه السدود في مجال الزراعة؟ هناك مشروع حضاري متطور يسمى (حصاد المياه)، يتعلق بالمياه المتجمعة خلف السدود المقترحة، والاستفادة منها بدلا من تصريفها إلى البحر بمسافة 30 كم، ويمكن ضخ هذه المياه شرقا إلى وادي فاطمة ووادي عسفان، خصوصا وأن المسافة قريبة من السدود المقترحة ولا تتجاوز سبعة كيلومترات. • العودة إلى الشرق ألا تمثل عائقا جيولوجيا؟ السدود المقترحة ستنشأ في مناطق جبلية مرتفعة عن مستوى محافظة جدة، وفي حال إنشائها ستؤدي إلى شحن الخزانات الأرضية للواديين وستسهم في توفير المياه ومساعدة المزارعين. • ومتى ستعلنون عن نتائج الدراستين الخاصة بشرقي جدة؟ نتائج الدراستين ستسلم لأمانة جدة، لأنها تكفلت بالدعم المادي، والهيئة نفذت الدراستين كمقاول، لذلك الأمانة مسؤولة عن إعلان وتطبيق النتائج. • وما صحة بأن هناك توجها لتحديد حرم للأودية بعرض 500م ونزع ملكيات في هذه الأودية؟ يوجد في جدة 11 واديا تمتد من الشمال إلى الجنوب، على مسافة 100 كلم، وتفريغ 500 متر كحرم لكل واد لا يسمح بالبناء فيها، أعتقد شخصيا بأنه أمر مبالغ فيه. • وهل ترى أن بناء السدود سيحمي شرقي جدة؟ بالتأكيد، لأن بناء سد احترازي واحد لن يكلف 100 مليون ريال، ولو احتجنا إلى إنشاء 11 سدا فلن تتجاوز التكلفة الإجمالية مليار ريال، أما إذا طبقت خطة تفريغ الأودية ونزع الآلاف من الممتلكات، فإنها ستكلف الدولة أرقاما عالية من المليارات، وتتسبب في أزمة سكن محتملة، ونحن في الهيئة نرى أن يبقى المواطنون في مواقعهم مع إنشاء سدود احترازية، ومن ثم تصريفها عبر القنوات الحالية، بما يتوافق مع استيعاب مجرى السيل. • تقرر إيقاف البناء في عدد من المخططات، والآلاف من قطع الأراضي في جدة، ما علاقة الهيئة بالقرار؟. لم نوص بإيقاف البناء، وهذه رؤية أمانة جدة، فهيئة المساحة الجيولوجية لم تنته من الدراسة، والأمانة تنتظر التوصيات من الهيئة كجهة استشارية، وقرار السماح بالبناء يعود للجهات التنفيذية. • ماذا عن باقي الأودية الثمانية والتي لم تشملها الدراسة؟ مستعدون لاستكمال دراسة الأودية الثمانية متى ما طلب من الهيئة التي بدأت بالأودية الثلاثة لأنها الأكبر، بالإضافة إلى وادي محرق الذي يحتضن سد البحيرة الاحترازية.