تواصلت أمس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، جلسات اللقاء السنوي للجمعية السعودية لعلم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في الجامعة الذي نظم تحت شعار: (التحضر ومشكلات المدن في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية). وجاءت الجلسة الرابعة من اللقاء تحت عنوان: (مشكلات الحياة الحضرية)، قدم خلالها الدكتور عبد المحسن بن أحمد العصيمي بحثا علميا بعنوان (مشكلات التحضر في دول الخليج) أكد فيه أن مدن دول الخليج تعتبر مدنا جديدة مقارنة بمدن عربية لها مئات السنين. وبين العصيمي أن دول الخليج تشهد تغيرات كبيرة في تركيبها الحجمي، ومعدلات نموها السكاني، فمدينة الرياض مثلا يزيد نموها السكاني بنسبة 7 في المائة سنويا، مستشهدا بافتتاح سكة الحديد في عهد الملك عبد العزيز، والذي كان يتوقع أن يصل مستخدمي القطار 90 ألفا، إلا أن العدد تجاوز ال 200 ألف راكب. وأضاف، أن مدن الخليج الكبيرة والرياض تحديدا بحاجة إلى مدن جديدة بالقرب منها لتخفيف الازدحام والهجرة، خصوصا وأن المملكة شهدت تحركات سكانية كبيرة أبرزها الهجرة من الأرياف إلى المراكز الحضرية. وبينت المشرفة التربوية لتوجيه وإرشاد الطالبات في منطقة الرياض سحر العطية في بحثها بعنوان (دور الأسرة والمدرسة والمجتمع تجاه ضبط انحرافات المراهقين في المدن المتحضرة) أن التغير السريع الذي شمل كافة المستويات والمجالات أثر بشكل مباشر على هذا الجيل وظهر التغير بوضوح على مخرجات المجتمعات والتي منها جيل التحضر الذي يعاني من أزمة الهوية. وأشار الدكتور محمد بن سعيد الزهراني في بحثه (العوامل المؤثرة في ازدياد انتشار ظاهرة التسول في المدن السعودية) إلى ظاهرة التسول، وبين أنها تعد إحدى الظواهر الاجتماعية المستمرة عبر القرون وأصبحت سائدة وبشكل واضح في جميع دول العالم سواء الغنية منها أو الفقيرة، مشيرا إلى أن كثيرا من دول العالم تواجه اليوم تحديا حقيقيا للقضاء على هذه الظاهرة التي حتما تشوه واقعها الحضاري والإنساني والاجتماعي، خصوصا أن التسول يمثل تحديا حقيقيا لدول مجلس التعاون و30 في المائة من الجرائم سرقات. وفي الجلسة الخامسة التي جاءت بعنوان (مشكلات الحياة الحضرية) أكد الدكتور عبد الله بن سعد الرشود، أن مشكلة المخدرات من أخطر المشكلات التي تهدد سلامة المجتمعات في عالمنا المعاصر وتعوق ازدهارها الاقتصادي ونموها الإنتاجي، وأشار في ورقته المقدمة بعنوان “مشكلة المخدرات في دول مجلس التعاون الخليجي- التشخيص وآليات المواجهة” إلى أن المخدرات لم تعد قاصرة على تحريك الأجهزة الأمنية فحسب بل وصلت إلى تحريك أجهزة الدفاع وجيوش القتال النظامية ومعدات الحرب المدمرة خارج المجتمع أو الدولة مستدلا بحرب أمريكا على بنما في عام 1989. من جانبه، بين الدكتور عبد الله بن حسين الخليفة، أن ازدياد معدلات التحضر وتطور الحياة الاجتماعية، واحتضان المجتمع لأعداد هائلة من الأيدي العاملة الوافدة أوجدت الجريمة كظاهرة والتي كانت نادرة الوقوع إلى المدى الذي استمر المجتمع السعودي حتى عام 1980 يعد من المجتمعات الإنسانية القلائل التي يشار إليها بالبنان من حيث قلة وندرة حدوث الجريمة. وأوضح الدكتور الخليفة في بحثه (التحضر والجريمة خلال ثلاثة عقود في المجتمع السعودي دراسة ميدانية) مدى انعكاسات التحضر وارتباطاته المختلفة بظاهرة الجريمة من خلال البيانات الرسمية التي تمتد لأكثر من خمسة وعشرين عاما، ويمكن استخدامها لرصد ظاهرة الجريمة والوقوف على اتجاهاتها والعوامل الاجتماعية والاقتصادية البنائية التي تقف وراءها. وكشف الخليفة، أن أكثر من 1.6 مليون شخص ارتكبوا جرائم في الخمسة والعشرين عاما الماضية، مبينا أن الإحصائية فندت أن 65 في المائة من الجرائم تنحصر في جرائم السرقات والمضاربات والمسكرات والقضايا الأخلاقية و30 في المائة منها تتعلق بقضايا السرقات. أما الدكتورة هند بنت عبد الله الثميري، فبينت في بحثها بعنوان (التحضر وأثره على العلاقات الأسرية داخل المجتمع السعودي) أن العلاقة الأسرية في المجتمعات المعاصرة فقدت روح القيم المخلصة، التي تشع بصور التفاني والمحبة المنبثقة من الجوهر الديني الأصيل الذي يحطم جميع الاعتبارات الدنيوية.