«عالم من العيار الثقيل» هكذا يصف العلماء والمفكرون الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف الذي تولى هذا المنصب خلفا للراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي والذي خلق تعيينه في هذا المنصب جدلا كبيرا في الأوساط الشرعية والمجتمعية .. «عكاظ» التقت الطيب في حوار مفصل كشف من خلاله الكثير من الأمور ومنها سياسته القادمة في الأزهر ومن أهمها الحفاظ على المكاسب التي حققها الأزهر في عهد الطنطاوي والحفاظ على الوحدة الوطنية في مصر ودعم الحوار مع الآخر والثقافات والحضارات المختلفة لتحقيق الخير لكل البشرية ودعا الفصائل الفلسطينية لتوحيد صفوفها ونبذ الخلافات والتركيز على الدفاع عن القدس، وشدد الطيب على أن فكر الإخوان لايتفق مع الأزهر، مستغربا موقفهم من رفضهم لتعيينه، رافضا بشدة تسييس جامعة الأزهر وإدارتها من خلال بعض الأعضاء وتعليماتهم التي يوجهون طلاب الجامعة إليها، فإلى التفاصيل: • ما أهم الأمور التي تركزون عليها خلال تولي فضيلتك لمنصب شيخ الأزهر؟ أهم أولوياتي الحفاظ على المكاسب التي حققها الأزهر في عهد الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوى لأنه ظل مدافعا عن المسلمين والأزهر لآخر لحظة في حياته، وتحقق في عهده بتوفيق الله تعالى الكثير من التقدم للأزهر مع الحفاظ على هويته التي يتسم بها دائما وهي الاعتدال والوسطية التي أسعى جاهدا للحفاظ عليها، أيضا لأنها تعد المنهج «الأزلي» للأزهر، وأعرف جيدا أن هناك مهام كبيرة ملقاة على عاتقي أولها أنني ملتزم بالبناء على المكاسب التي حققها الأزهر في عهد الراحل لأنها تمثل شيئا مقدسا لايجوز المساس به، وأركز أيضا وبشكل أساسي على الحفاظ على الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين في مصر لأننا جميعا نسيج واحد وإخوة متساوون في جميع الحقوق والواجبات ولا فرق مطلقا عندنا بين المسلم والمسيحي، وأرى أن الأزهر يحتاج إلى قفزة نوعية كبيرة وإلى علاقة قوية جدا مع المجتمعات الخارجية، وهو ما يتحقق من خلال تفعيل مجالات الحوار بين الأديان ومع مختلف الحضارات والثقافات لتحقيق الخير والنفع لكل البشرية. ونحن لانحتاج إلا أن نضع الأزهر في مكانه الصحيح وأمام مسؤوليته التاريخية وهي الدفاع عن الإسلام والمسلمين لأن الأزهر القلعة للثقافة الإسلامية والمرجعية الكبرى للعقل الإسلامي، فالأزهر كما أرى كان ولايزال سبب وحدة الثقافة بين المسلمين، أعرف جيدا مشكلات الأزهر لأنني لم أكن بعيدا أبدا عنها وإنما كنت أناقشها دائما مع الإمام الأكبر الراحل سواء في المجلس الأعلى للأزهر أو مجمع البحوث الإسلامية أو جامعة الأزهر. رفض الإخوان • تعليقكم على رفض بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين اختيار فضيلتك لمنصب شيخ الأزهر؟ لا أعرف سببا لذلك ولا أعرف سبب رفض الإخوان لتعييني شيخا للأزهر، وأرى أن فكر جماعة الإخوان المسلمين لا يتفق مع فكر الأزهر، كما أنني أرفض بشدة تسييس جامعة الأزهر وإدارتها من خلال أعضاء الإخوان وتعليماتهم التي يوجهون طلاب الجامعة إليها. • خلال عملك في منصب مفتي الديار المصرية وماتبعها من رئاسة جامعة الأزهر، هل تعرضت لأي لون من الضغوط في هذين المنصبين ؟ إطلاقا لم أتعرض أبدا لأي نوع من الضغوط، ولقد أمضيت عامين ونصف في دار الإفتاء مفتيا للديار المصرية، وكذلك طوال فترة رئاستي لجامعة الأزهر، ولم يرفع أي مسؤول يوما ما سماعة التليفون ويقول لي إفعل كذا أو لا تفعل كذا، وهذه حقيقة يحاسبني عليها المولى عز وجل. العفوية والمناهج • هل منصب شيخ الأزهر يجعلك تعمل ألف حساب لكل كلمة تصدر عنك؟ تعرفون جيدا أننى أتحدث بعفوية لأنني لا أخشى إلا الله تعالى في كل كلامي وتصرفاتي وسلوكياتي. • هل ستعيد فضيلتك النظر في تدريس المذاهب الفقهية مثلما كانت في السابق في معاهد الأزهر؟ بدأت بالفعل في فتح ملف التعليم الأزهري بشكل شامل وكامل وليس فقط من أجل مادة الفقه وإنما في كل المواد والمناهج التي يدرسها طلاب وطالبات الأزهر لأن تطوير المناهج ضرورة ملحة وفي وجهة نظري يجب تطوير المناهج وتعديلها كل نحو خمس سنوات. الانتخاب في الأزهر • هل تؤيد أن يتم اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب بدلا من التعيين ؟ اضمنوا لي الناخب المحايد النزيه أضمن لكم أن يتم تطبيق الانتخاب في هذا المنصب، ولكن أن نقول يتم الانتخاب مع عدم وجود الناخب المتجرد من أي هوى أو مصالح خاصة فهذا أمر غير منطقي ويتعارض مع العقل. • هل تسعى لتفعيل التقريب بين المذاهب الإسلامية ؟ من أهم اهتمامات الأزهر تحقيق التقريب بين المذاهب الإسلامية والعمل على تحقيق وحدة المسلمين في العالم، لذلك علينا بالتركيز على نقاط الاتفاق وتبادل الآراء والنقاش في نواحي الاختلاف لتحقيق الوحدة بين المسلمين لمواجهة التحديات والمخاطر العظيمة التي تواجهنا في الوقت الراهن. منع النقاب • هل ستسير على نفس خطوات الإمام الأكبر الراحل في منع ارتداء «النقاب» في المعاهد والمدن الجامعية للفتيات؟ ليست من سياستي المنع لأن منع الشيء يؤدي إلى المزيد من الانتشار، وإنما أنوي التصدى لانتشار النقاب من خلال «التصدي الفكري» له والتعريف بموقف الإسلام منه وهو ماقمت بتطبيقه فعليا في جامعة الأزهر وأدى بالفعل لاقتناع العديد من الطالبات المنتقبات وقمن بخلع النقاب بإرادتهن ودون أي نوع من الضغوط أو الإجبار. زيارة القدس • ما رأيكم في دعوات البعض لزيارة القدس في الوقت الراهن وهي تحت الاحتلال وبتأشيرات إسرائيلية ؟ لن أزور القدس والمسجد الأقصى إلا بعد تحريرهما تماما من الاحتلال الإسرائيلي، لأنني أرفض زيارتهما في الوقت الراهن حيث إن ذلك يعد اعترافا بشرعية الاحتلال، كما أنني أدعو جميع المسلمين في مختلف أنحاء الأرض إلى عدم زيارة القدس في الوقت الراهن أو الانسياق وراء الدعوات التي تدفعهم إلى ذلك لأن هذا اعتراف بالاحتلال، ولاينبغي مطلقا أن نزور القدس إلا بتأشيرات فلسطينية بعد أن يتم تحريرها إن شاء الله تعالى. • ماهي نصحيتكم للفصائل الفلسطينية في ظل تهويد إسرائيل للأقصى ؟ أدعو جميع الفصائل الفلسطينية وخاصة فتح وحماس إلى توحيد صفوفهما لأنه من غير المقبول مطلقا أن تقوم إسرائيل بكل هذه الإجراءات لتهويد القدس والفصائل تتصارع فيما بينها ولا يطبقون قول المولى عز وجل «واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا»، ونحن في مصر والأزهر سنظل مساندين دائما لكافة حقوق الشعب الفلسطيني بكل ما أوتينا من وسائل وأساليب حتى يتم إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. • هل توافق على المشاركة في مؤتمرات حوار الأديان التي يحضرها إسرائيليون؟ أرفض طبعا المشاركة في مؤتمرات يحضرها إسرائيليون، إلا أنني أوافق على حضور المؤتمرات التي يحضرها «اليهود» وهناك فرق كبير بين الإسرائيلي الذي يحتل أرضنا ويدنس مقدساتنا وبين اليهودي الذي يسعى للتعاون معنا لتحقيق الحوار بين الأديان والحضارات ونفع البشرية.