دخلت دول مجلس التعاون الخليجي مع بداية عام 2008، مرحلة جديدة في تاريخها السياسي والاقتصادي مع دخول السوق المشتركة حيز التنفيذ الفعلي لتتحول إلى كيان اقتصادي واحد سيتم بإطلاق العملة الخليجية الموحدة. وسيعامل كافة مواطني دول مجلس التعاون معاملة المواطن الواحد وذلك بغض النظر عن الدولة التي سيدخلونها وذلك على مستوى مزاولة المهن وتأسيس الشركات وتملك العقار وإقامة المشاريع وكذلك على مستوى العمل في القطاعات الحكومية والأهلية والتأمين الاجتماعي وتنقل رؤوس الأموال والضرائب والاستفادة من الخدمات الطبية والتعليمية والاجتماعية. وتعتمد السوق الخليجية المشتركة على المبدأ الذي نصت عليه المادة الثالثة من الاتفاقيات الاقتصادية، ويشتمل ذلك على درجة الخصوص مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمة وممارسة المهن والحرف وتداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات والعمل في القطاعات الحكومية والأهلية والتأمين الاجتماعي والتقاعد، وسيكون لها تأثير إيجابي في المدى الطويل. وقد تواجه السوق الخليجية المشتركة بعض التحديات من أهمها توحيد العملة الخليجية هذا العام وهو أمر بات صعبا بعد الخطوات الأحادية التي قامت بها كل من الكويت وسلطنة عمان على صعيد فك الارتباط بالدولار، وكذلك إلى جانب ذلك التضخم بسبب عوامل داخلية وأخرى خارجية، وكذلك مسألة العوائد الجمركية وكيفية توزيعها وهي مشكلة ظهرت مع بداية إعلان السوق حيث طالبت بعض الدول بحصة من الإيرادات تعادل نشاطها التجاري، وهو ما كان مدار بحث. وعلى كل حالة فإن السوق الخليجية المشتركة ستعود بالنفع لجميع مواطني دول مجلس التعاون بصفة عامة وكذلك على المواطنين السعوديين بصفة خاصة باعتبار أن المملكة العربية السعودية تمثل الجزء الأكبر مساحة وسكانا وتجارة بينية. إن السوق المشتركة تحول منطقة الخليج إلى سوق واحدة يتم من خلالها استفادة مواطني دول المجلس من الفرص المتاحة في الاقتصاد الخليجي وفتح مجالات أوسع للاستثمار المحلي والأجنبي وتنظيم الفوائد الناجمة عن اقتصاديات الحجم الكبير ورفع كفاءة الإنتاج وتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتحسين الوضع التفاوضي لدول المجلس وتعزيز مكانتها الفاعلة والمؤثرة بين التجمعات الاقتصادية. كما أن السوق الخليجية المشتركة تشكل فرصة كبيرة لتبادل المزايا النسبية لكل دولة فيمكن لمواطني دول مجلس التعاون الاستفادة من تطور الخدمات فهناك بعض المجالات متوفرة في إحدى دول الخليج بإمكان الدول الأخرى الاستفادة من الدولة التي لديها إمكانات في المجال نفسه، فالمملكة العربية السعودية لديها قواعد صناعية والتي يمكن للدول الأخرى في المجلس الاستفادة منها بينما الإمارات تتوافر لديها الإمكانات في قطاع الخدمات فتستطيع الدول الأخرى الاستفادة منها وهكذا.. لذلك نأمل من دول مجلس التعاون الخليجي التكاتف والتآزر لتفعيل السوق الخليجية المشتركة، ولتشكل قوة اقتصادية واحدة باسم واحد في المحافل الدولية تستفيد من أي امتيازات اقتصادية تحصل عليها السوق المشتركة. * أستاذ المحاسبة المساعد جامعة الطائف