تطالعنا الصحف هذه الأيام بأخبار كثيرة عن القبض على سحرة يمارسون أعمال شعوذة ودجل بدعوى التفريق بين الأزواج، مثل هؤلاء المشعوذين يجدون في الجهل بيئة خصبة لممارسة أفعالهم، لكنني سأتطرق إلى جانب خفي خلف هذه الظاهرة أن صح لي تسميتها بذلك. الجهل أحد أسباب هذه الظاهرة وأعني جهلا من نوع خاص يشارك فيه حتى التعليم لدينا. يدخل الزوجان الحياة الزوجية وهما لا يعلمان شيئا إلا ما ندر، كل ثقافتهما عن الحياة الزوجية هو حصيلة ما يجمعه الشباب والشابات من أقرانهم، أو ما تعلماه من معايشتهما لوالديهما، ويعتقد كل واحد منهما أن الحياة الزوجية أحلام وردية وسعادة واستمتاع، هذه حصيلة أغلب شبابنا وشاباتنا، تمضي الأيام بهما ويدب روتين الحياة الممل في حياتهما ويسري بينهما الاعتياد ثم الملل، وبناء على خلفيتهما الركيكة وثقافتهما الزوجية الضئيلة، فيبدأ التنافر الخفي بينهما إلى أن يصبح تنافرا ظاهرا. المشكلة لدى أغلب المتزوجين والمتزوجات أنهم لم يتعلموا مفاهيم الاتصال والتواصل مع الطرف الآخر، أساسيات وحقوق وواجبات كل طرف، ثقافة الحوار والإصغاء، ثقافة التجمل والعناية بالمظهر، آداب وفنيات وطرق الذوق والحس بين الزوجين. إن الفجوة بين الزوجين في الغالب أكبر بكثير من ما نتصوره. في ظل هذه الجفوة الحتمية بين أغلب الأزواج تنشأ تربة خصبة للمشعوذين والدجالين، يذهب إليهم في البداية من يعتقدون أن بينهم وبين أزواجهم سحرا ثم يتهافت عليهم الآخرون لاعتقادهم أنهم فعلا قد فرقوا بين المرء وزوجه، وواقع الحال أن الفرقة أصلا موجودة لدى أغلب الأزواج. يجدر بتعليمنا أن يدرك أهمية معالجة هذا الخطأ من أساسه، وتغيير مناهج التعليم للجنسين بدءا من الصف الأول ثانوي، ليدرس الطلبة واقع حياتهم وما يعيشونه أو سيعيشونه وكيف يتصرفون بتفاصيل تؤمن لهم طريقهم ولا تجعلهم يلجأون للشعوذة ليبحثوا عن ما لم يجدوه. التعليم يذكر المفاهيم والمبادئ العامة للحياة الزوجية لكنه لم ينزل إلى مستوى كيف يطبق الناس هذه المبادئ ويتدربون عليها. م. محمد بن إبراهيم الشريف جدة