كثيراً ما يحدث بين الزوجين من الأسباب والدواعي ما يجعل الطلاق ضرورة لازمة ، ووسيلة متعينة لتحقيق الخير والاستقرار العائلي والاجتماعي لكل منهما ، فقد يتزوج الرجل والمرأة ، ثم يتبين أن بينهما تبايناً في الأخلاق ، وتنافراً في الطباع ، فيرى كل من الزوجين نفسه غريباً عن الآخر ، نافراً منه ، وقد يطلع أحدهما من صاحبه بعد الزواج على ما لا يحب ، ولا يرضى من سلوك شخصي ، أو عيب خفي ، وقد يظهر أن المرأة عقيم لا يتحقق معها اسمى مقاصد الزواج ، وهو لا يرغب التعدد ، أو لا يستطيعه ، إلى غير ذلك من الأسباب والدواعي التي لا تتوفر معها المحبة بين الزوجين ولا يتحقق معها التعاون على شؤون الحياة، فيكون الطلاق لذلك أمراً لابد منه للخلاص من رابطة الزواج التي أصبحت لا تحقق المقصود منها والتي لو الزم الزوجان بالبقاء عليها لأكلت الضغينة قلبيهما ولكاد كل منهما لصاحبه ، وسعى للخلاص وقد يكون ذلك سبباً في انحراف كل منهما (لا قدر الله) لهذا شرع الله الطلاق وسيلة للقضاء على تلك المفاسد وللتخلص من تلك الشرور وليستبدل كل منهما بزوجه زوجاً اخر قد يجد معه ما افتقده مع الأول فيتحقق قول الله عز وجل ( وإن يتفرقا يغني الله كلا من سعته وكان الله واسعاً حكيماً). وهذا هو الحل لتلك المشكلات المتفق مع منطق العقل والحكمة والضرورة وطبائع البشر وظروف الحياة. ومن هنا نلاحظ أن الاسلام عندما أباح الطلاق لم يغفل عما يترتب عليه وعلى وقوعه من الأضرار التي تصيب الأسرة خصوصاً الأطفال، إلا أنه لاحظ أن هذا أقل خطراً ، إذا قورن بالضرر الأكبر الذي تصاب به الأسرة والمجتمع ككل إذ أبقى على الزوجية المضطربة والعلائق الواهية التي تربط بين الزوجين على كره منهما للآخر فآثر أخف الضررين وأهون الشرين ، وفي الوقت نفسه فقد شرع الدين الحنيف ما يكون علاجاً لآثاره ونتائجه فأثبت للأم حق حضانة أولادها الصغار حتى يكبروا وأوجب من جهة أخرى على الأب نفقة أولاده وأجور حضانتهم ورضاعتهم ولو كانت الأم هي من تقوم بذلك، حيث اعتبر الطلاق آخر العلاج بحيث لا يصار إليه إلا عند تفاقم الأمر واشتداد الداء وحين لا يجدي أي علاج سواه. وقد أرشد القرآن الكريم الزوج والزوجة إلى ارشادات قيمة فنجد أنه ارشد الزوج اذا لاحظ من زوجته نشوزاً إلى ما يعالجها به من التأدب المتدرج: الوعظ ثم الهجر ثم الضرب غير المبرح ، قال تعالى: ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً). وارشد الزوجة إذا ما أحست فتوراً في العلاقة الزوجية وميل زوجها إليها إلى ما تحفظ به هذه العلاقة ويكون له الأثر الحسن في عودة النفوس إلى صفائها بأن تتنازل عن بعض حقوقها الزوجية أو المالية ترغيباً له بها وإصلاحا لما بينهما ، فكل هذه الاجراءات والوسائل تتخذ وتجرب قبل أن يصار الأمر إلى الطلاق وهذا ما يدل على أن للحياة الزوجية عند الله عز وجل شأناً عظيماً. ومن خلال ذلك نجد أن الطلاق قد يكون لصالح الزوج أو الزوجة في كثير من الأمور بل هو وسيلة لايجاد الزواج الصحيح والسليم الذي يحقق معنى الزوجية وأهدافها السامية لا الزواج الصوري الخالي من كل معاني الزوجية ومقاصدها يفتقد الموده والسكن والرحمة إذا انعدمت تلك المفاهيم والمقاصد فالطلاق هنا أرحم والملاحظ هنا أن الشريعة الاسلامية لم تهمل جانب المرأة في ايقاع الطلاق فقد منحها الحق في ذلك عندما تتكدر الحياة بينهما ويعطيها الاسلام الحق في أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها صيانة لها أن تقع في المحظور وحماية لها من أن تكون عرضة للظلم والضيم ، والتعسف وهناك من النساء من يعانين من تعليق أزواجهن لهن ورغم سعي بعضهن للخلع والمطالبة بتطليقهن لتتسنى لهن معاودة الحياة من جديد، وبعض الأزواج يعتقدون أنهن أصبحن ملكاً لهم يحق لهم منعهن من حقوقهن التي كفلها لهن الله سبحانه وتعالى. فكم من زوجات أمضين سنوات طوال وتكاد هؤلاء النساء يفتقدن زهرة شبابهن في انتظار ورقة الطلاق أو ورقة الخلع التي من خلالها يبدأن في التفكير في مستقبل آخر يرسمنه وفق احلامهن وطموحاتهن أو أن بعض الأزواج قد يوافق على الخلع مقابل إعادة ما دفعه من مهر وذهب وملبوسات أو نجد البعض قد خرج بفاتورة مليئة بالطلبات التي يصعب حملها أو تنفيذها ..طلبات خيالية من أجل التعقيد فقط لا أكثر وكم من نساء يقبعن في البيوت من أجل هذه الطلبات المستحيل تحقيقها!!. أحبتي : لا أحد ينكر بأن البيوت خالية من المشاكل ولكن الحصيف من الرجال هم من يقدرون العشرة الزوجية ويصبرون على ما يجدونه من خلافات فهي أشبه بملح الطعام..ولكن البعض مع الأسف الشديد يعتقدون بأن القوامة تنحصر في الشدة والقسوة والعنف وأنه (سي السيد) الذي تنفذ كل أوامره وطلباته بغض النظر عن نتائجها ومنهم من يجهل الواجبات الزوجية ومنهم من يعتبرون بأن الزوجة خادمة لهم عليها أن تطيع كل ما يطلب منها أكان صحيحاً أم خطأ وهنا نجد الزوجة تقوم بتصبير نفسها على ما ابتليت به ولكن إلى متى فالصبر له حدود، وهناك بعض الاباء وأولياء الأمور سلبيون لا يهشون ولا ينشون فوجودهم كعدمهم ، وهذه مشكلة أخرى تعاني منها بعض السيدات كان الله في عونهن. أحبتي: الموضوع خطير وشائك ويحتاج إلى كلام طويل كان الله في عون الزوجات، والله من وراء القصد . همسة: (الظلم ظلمات فاتقوا دعوة المظلوم فليس بينها وبين الله حجاب).