بعد أسبوعين من رحيل الطالب محمد حكمي في مدينة ألعاب تتبع مركز تسوق شهير في جنوبجدة، تجددت أمس فواجع الرحلات المدرسية، إذ ابتلع حوض سباحة في مدينة الملك فهد الساحلية غرب جدة الطالب ماجد مدرك باسعيد أثناء رحلة تنزه مع 41 من رفاقه من مدرسة الفلاح المتوسطة. ووصفت مصادر طبية حالة الفتى الغريق بأنها في غاية الخطورة، إذ يخضع لأجهزة التنفس الصناعي في مستشفى المركز الطبي الدولي القريب من موقع الحدث في ضاحية الرويس. فصول المأساة بدأت بوصول 41 طالبا من المدرسة إلى المدينة الساحلية برفقة اثنين من المعلمين، وهبط عدد من الفتيان إلى حوض السباحة ومعهم زميلهم ماجد، وافتقدوه بعد دقائق، فتعالت صرخاتهم واستغاثاتهم وصيحات النداء إلى منقذ المدينة الساحلية الذي كان مشغولا بالتحدث بهاتفه النقال طبقا للطلاب ولم يتنبه الرجل لنداءات الاستغاثة إلا بعد مضي وقت طويل، الأمر الذي ألزم رفاق ماجد بالبحث عنه في عمق الحوض. ولم يجد المنقذ بدا غير استخدام عصا طويلة للبحث عن المفقود في قاع المسبح. وبحسب أقوال الطلاب، فإنهم استخدموا جهودهم الذاتية وعثروا على زميلهم في حالة غيبوبة كاملة بعد وقت طويل من سقوطه في العمق. تواصلت فصول المأساة كما يقول الطلاب عندما حملوا زميلهم في حالة بالغة السوء إلى غرفة الإسعافات الأولية في ذات المدينة الساحلية، ورفض المسعف استقبال الغريق تحت حجة «تطور الحالة وحاجتها إلى العلاج والإسعاف السريع في مستشفى» ليتم نقل ماجد بواسطة إسعاف الهلال الأحمر إلى مستشفى المركز الطبي الدولي في الرويس. «عكاظ» التقت الأب المكلوم مدرك باسعيد، الذي كان يحيط بنجله الغائب عن الوعي وسط أجهزة التنفس الصناعي في قسم العناية المركزة، فقال بأسى بالغ: «لم أوافق لنجلي بالذهاب إلى الرحلة المدرسية المشؤومة، لم اطلع على أية ورقة أو خطاب بهذا الشأن، لن أتردد في تحميل إدارة المدرسة مسؤولية ما حدث لماجد ابني، اتهم المدينة الساحلية بالإهمال إذ ظل ماجد لأكثر من 20 دقيقة داخل عمق المسبح دون أن يتم إسعافه، إذ كان المنقذ المخصص مشغولا بالتحدث بهاتفه النقال واستخدم عصا للبحث عن غريق ما دفع رفاق نجلي لاستخدام قدراتهم الذاتية لانتشاله». الأب المكلوم أبدى دهشته وامتعاضه من تصرف مسعف المدينة الساحلية الذي رفض استقبال الحالة، ولم يقم بأي دور واكتفى فقط بإلقاء نظرة على ماجد الذي كان في ذات اللحظة تحت وطأة غيبوبة عميقة ولا يزال. وأضاف أن نجله من المتفوقين في دراسته وعرف بحسن الخلق والمواظبة، مجددا عزمه على عدم طي ملف الواقعة إلا بعد الوصول إلى حقيقة ما حدث ومحاسبة كل من تحوم حوله شبهة تقصير أو إهمال، وتساءل الأب كيف توكل المدرسة لاثنين فقط من معلميها مهمة الإشراف على 41 طالبا في رحلة خارج أسوارها؟ ألم يكن من الواجب سؤال المشاركين في النزهة عن إمكانياتهم وإجادتهم للسباحة؟ ويكشف الأب أن نجله لم يكن من هواة السباحة ولم يكن مؤهلا لها أصلا. في موازاة ذلك، رفض المشرف التربوي عبد الرحمن السلمي الانتقادات الموجهة إلى المدرسة، وأبلغ «عكاظ» بعد زيارته للطالب الغريق أنه تم رصد الإجراءات التي اتخذتها المدرسة قبل الرحلة، مشيرا إلى عدم وجود أية سلبيات، كما كلفت المدرسة ثلاثة من معلميها بمرافقة الطلاب إلى المسبح، غير أن أحدهم اعتذر بسبب لقاء مع مرجعه، وكان من المقرر اللحاق بزميليه في أي وقت. وأضاف السلمي أن زيارته للطالب ماجد تأتي من منطلق الواجب الإنساني والعملي كمشرف تربوي، مؤكدا أن والد الطالب كان على علم بالرحلة ووفر لنجله لباس السباحة وسلمه المصروف. وأضاف أن الجهة المختصة تتحقق من كافة ملابسات الحادث. في ذات الوقت، أوضح المعلم عبد الرحمن حمد السلمي أنه أشرف على الطالب ماجد قرابة ثلاثة أعوام في تعليم القرآن الكريم ولاحظ تفوقه وتميزه. المتحدث في مستشفى المركز الطبي الدولي في جدة الدكتور خالد عالم، أبلغ «عكاظ» أن المستشفى استقبل طالبا في ال 14 من عمره في حالة فقدان وعي كامل وانقطاع في التنفس بعد تعرضه إلى حالة غرق، ووصل إلى المكان بعد مرور نحو 45 دقيقة فاستقبله فريق طبي متكامل من الطوارئ والعناية المركزة والتخدير إلى جانب طاقم من الإنعاش القلبي والرئوي، وفي الحال أخضع الطالب إلى عملية إنعاش سريعة أعادت نبضه خلال أربع دقائق، لكنه ظل مفتقدا للتنفس. وأضاف المتحدث في المستشفى أن الحالة استقرت بعد خمس دقائق ووضعت تحت أجهزة التنفس الصناعي مع إخضاعها إلى صور من الأشعة المقطعية، ويتولى فريق طبي علاج الطالب ومتابعته في قسم العناية القصوى والحالة الآن مستقرة، لكنها حرجة بسبب مرور وقت طويل على انقطاع الأوكسجين من الدماغ لفترة تقارب 45 دقيقة.