رأت عضو هيئة التدريس في كلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز ورئيسة كرسي الشيخ محمد حسين العمودي لسرطان الثدي في الجامعة الدكتورة سامية بنت محمد عبدالرحمن العمودي «أن الجهود المبذولة في مكافحة سرطان الثدي ليست كافية، لكنها قطعا قد اختلفت عن ما كانت عليه سابقا، فهناك حراك من جميع فئات مقدمي الرعاية الصحية من الوزارة والجامعات والقطاعات الخاصة وغيرها». واعتبرت العمودي في حوار ل«عكاظ» بمناسبة اختيارها في المرتبة الخامسة ضمن قائمة أقوى 100 شخصية مؤثرة في العالم العربي، والثانية في المملكة، بعد صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال لعام 2010، «أن مرض سرطان الثدي جعل نساء المجتمعات العالمية وخصوصا العربية في مرحلة الخطر، حيث لاحظت الدراسات أنه بحلول عام 2025م سيزيد معدل الإصابة بسرطان الثدي نحو 350 في المائة في المملكة». وفيما يلي نص الحوار: مؤثرة وقادرة • ماذا يعني لك اختيارك في المرتبة الخامسة ضمن قائمة أقوى 100 شخصية مؤثرة في العالم العربي، والثانية في المملكة؟ هذا الاختيار يعطي مؤشرا على أن المجتمع العربي قد أدرك أن المرأة السعودية أصبحت في عهد خادم الحرمين الشريفين قوة مؤثرة وقادرة على إحداث التغيير المطلوب لا في مجتمعها فحسب، وإنما حتى في المجتمعات العربية الأخرى التي هي جزء منها، والعمل في المجال الطبي والمجال التطوعي والمسؤولية الاجتماعية واجب علينا أن نغرسه في أبنائنا، لذلك فإن جهودي مكرسة في نشر المفاهيم وثقافة الفحص المبكر بين الجيل الجديد في المدارس والجامعات وبين طالباتي وطلبتي في كلية الطب، لأني أؤمن أن هؤلاء هم التغيير الحقيقي، ومن هنا أسعد بأن أترك أثرا إيجابيا في من هم المستقبل لنا، أشعر أنني بدأت أحقق ثمار هذه الأعمال يوم نصبح ضمن من يراهم البعض ذوي قوة في التأثير وإحداث نقلة في المفاهيم. انعكاسات الخبر • يقودني السؤال السابق إلى معرفة أهمية وانعكاسات الخبر على المجتمع؟ أشعر أنه يعطي الشباب حافزا للعمل المجتمعي والتطوعي، ويجعلهم يدركون قيمة العمل المجتمعي، لأن المجتمعات العربية بدأت تعطي هذا الجانب التقدير الذي يستحق، بل ويدركون أن المرأة في بلدهم تستطيع أن تحدث انقلابا فكريا وتحديثا في المفاهيم متى ما أعطيت لها الفرصة، وأقول دائما في لقاءاتي مع الشابات إنهن يعشن العصر الوردي في ظل والد كريم يدعم المرأة بلا حدود ويضعها في الصفوف الأولى التي تستحقها، فولي الأمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز عزز للمرأة حقوقها التي منحها لها الإسلام، وأكرمها يوم جعلها شريكا في التنمية من أجل الوطن. تكريس التوعية • من وجهة نظرك، هل الجهود المبذولة في المملكة والخليج في مجال مكافحة سرطان الثدي كافية لتكريس التوعية بالمرض والوقاية؟ لا.. هي ليست كافية، لكنها قطعا قد اختلفت عن ما كانت عليه سابقا، فهناك حراك من جميع فئات مقدمي الرعاية الصحية من الوزارة والجامعات والقطاعات الخاصة وغيرها، في سبيل إقامة الندوات والمؤتمرات ونشر ثقافة الفحص المبكر، بل وهناك لجان تعمل الآن على توحيد الجهود، وعلى وضع آليات مقننة حتى في طرق العلاج لتحسين جودة الخدمات المقدمة لمرضى السرطان. جهود فردية • ماهي أبرز التحديات التي تواجهك في إيصال رسالتك إلى نساء المجتمع السعودي، لاسيما أن جهودك فردية؟ جهودي بدأت فردية، لكنني أصبحت الآن أملك دعما لا متناهيا من جامعة الملك عبدالعزيز في جدة ممثلة في دعم شخصي من مديرها، الذي يدعمني في كل ما أقوم به، وهذه حقيقه لا أنكرها، وطبعا هناك الرجل الذي أكرمني يوم آمن بقضيتي ويدعمني في رسالتي وهو محمد حسين العمودي، الذي يرعى الكرسي العلمي لأبحاث سرطان الثدي، والآن زاد الدعم بالمنجز الحضاري الجديد الذي نعمل عليه في الجامعة، وهو إنشاء أول مركز تميز في رعاية سرطان الثدي في المنطقة أيضا بتبرع سخي منه، وسيكون هذا المركز نموذجا ومرجعية للمنطقة بأكملها، ونستضيف خبراء من الولاياتالمتحدةالأمريكية من جهات متعددة مثل مجموعة المبادرة العالمية في سرطان الثدي من سوزان ج كومن، ومركز الفريد هاتشون للسرطان، كذلك جماعة قادمة من جون هوبكنز للتشاور في برامج المركز وخططه الاستراتيجية. الوضع الحالي • ماهو تقييمك للوضع الحالي لمرض سرطان الثدي في المملكة؟ لازلنا في مرحلة الخطر، وبعض الدراسات تشير إلى أنه بحلول عام 2025م سيزيد معدل الإصابة بسرطان الثدي نحو 350 في المائة في المملكة، أي أن هناك حربا مقبلة أكبر من التي نعيشها الآن، ما لم نستعد لمواجهة هذا الخطر من الآن. الاكتشاف المتأخر • معظم الحالات تصل إلى المستشفيات متأخرة، هل توجد آلية لهذه المشكلة إلى جانب التوعية؟ هناك عوامل عدة أهمها: تمكين المرأة وتوفير المعلومة لها بأهمية الكشف المبكر، وهو ما يتم عبر نشر الوعي، وإدخال هذه القضية ضمن مناهجنا الدراسية، فهذه المشاكل الصحية لا بد أن يعرفها المتلقي كل على حسب عمره، والمعرفة قوة في ظل قلة وعي النساء بأمور كثيرة عن صحة الثدي. ثانيا: توفير آلية فحص الثدي، وهذه حقوق صحية يجب أن تدركها المرأة وتبحث عنها. ثالثا: الاستعانة برجال الدين، حيث إن لرجال الدين تأثيرا أقوى من الآخرين، بحيث نشرك من لهم ثقافة تجعلهم يشاركون في العمل المجتمعي، وفي نشر ثقافة الفحص المبكر، وأهميتها وأحكام التكشف على الأطباء وأهمية التداوي وغير ذلك. لقاء أمريكي • جمعك لقاء في 5 يونيو 2009م مع نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن وحرمه جيل بايدن، ما هي طبيعة هذا اللقاء؟ تمت دعوتي للعشاء ضمن مجموعة من الناشطات العالميات مع مؤسسة سوزان ج كومن العالمية في سرطان الثدي، ووجدتها فرصة للحديث معهم، وتقديم هدية تذكارية شعار الكرسي وتقرير كرسي الشيخ محمد حسين العمودي لسرطان الثدي في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة لهم، خصوصا أن حرم نائب الرئيس من المهتمات ولها مؤسسة ترعى سرطان الثدي. تعاون مشترك • كنت ضمن المجموعة التي التقت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عند حضورها إلى جدة في كلية دار الحكمة في فبراير 2010 كيف وجدت اللقاء؟ إنها سيدة ذات إرادة محددة ودبلوماسية من الطراز الأول، وقد أسعدني ملاحظتها أثناء مصافحتي لها أنني أرتدي عباءتي وفيها شريط زهري علامة اهتمامي وولائي للقضية، فقالت شكرا لارتدائك شريط سرطان الثدي، ودار الحوار حول محاور عديدة، قلت لها إن الشراكة بين بلدينا في مجالات إنسانية طبية مثل سرطان الثدي الذي هو قضية كل نساء العالم، أفضل أنواع العلاقات الدبلوماسية وتقارب الشعوب، فأكدت اهتمام الرئيس بهذا النوع من الشراكات في مختلف القطاعات مع الشرق الأوسط. مهنة التوليد • الدكتورة العمودي استشارية النساء والتوليد التي ولد العشرات على يديها، تخلت عن مهنة التوليد وعيادتها، فما مبررات ذلك؟ أفتقد العشق الكبير للتوليد في عيادتي الخاصة، لكنني أعمل في جامعتي الأم، وقد تعلمت في حياتي، أن لكل مرحلة من عمري أولوياتها، فقد أرسل لي الله إصابتي بسرطان الثدي التي أسميتها في كتاباتي برسالة حب، وأؤمن أنها جاءتني لحكمة يعلمها الله، وربما هي لنشر قصتي ومساعدة غيري حتى لا يقعن في المعاناة مثلي، لذلك تفرغت لهذه المهمة لأنني أعتبرها رسالتي في الحياة ما تبقى لي من عمري، فهناك مئات من أطباء النساء والولادة ممن يعملون مثلي وأفضل مني، لكن كوني طبيبة ومصابة بسرطان الثدي وامرأة في هذا المجتمع وناشطة في هذا المجال، لذلك لي دور قد يكون مختلفا، لذا أؤدي دوري في خدمة الناس بطريقة غير ما مضى من عمري، ومن هنا فهذه الرسالة أولوية الآن لي لأقدمها لنساء بلدي ولنساء العالم كله. أمنيات وأحلام • أخيرا.. هل تحققت كل أمنيات وأحلام الدكتورة سامية العمودي؟ أعطاني الله عز وجل من فضله الكثير، وتحققت لي أمور لم أحلم بها يوما، بل ويعلم الله أنني لم أبحث عنها أبدا، لذلك فدعوتي لله دائما أن يجعلني جديرة بأنعامه وآلائه، ويبقى الحلم الأكبر أن تتغير خريطة الطب في بلدي، ويجيء يوم تكبر فيه ابنتي إسراء وتقول هي وبنات جيلها كان هناك مرض زمان يفتك بالنساء، لكنه لم يعد موجودا يومنا هذا اسمه «سرطان الثدي».