أرجو من الله أن تكون قصة المحلبدي مجرد رواية تبحث عن منتج ومخرج ولا تحتاج إلى مزيد من الممثلين. هنا أتقدم إلى كل الروائيين ممن يبحثون عن قصص ساخنة بتناولات الواقع والخيال أن يتوقفوا عن قراءة مترجمات ومرويات آيلة إلى العمل الأدبي من عدمه، فلدينا ما يكفي في جعبة حقوق الإنسان ما يكفي لتمويل سيناريوهات العالم، متحضرا أو بطوره المدني، أفكارا وقصصا تفيض مواجع وأحزانا. منذ بضعة أيام، لم أتوقف عن الفرجة في ملامح المواطن بخيت المحلبدي، اذ نشرت صورته جريدة «عكاظ» في واجهة الأحداث وأبرزت ملامح الرجل المعاق وهي تمتلئ خوفا ورجاء وثقوبا وهموما وأحزانا وكربا وكأنهم يسوقونه إلى الموت إعداما بالرصاص. لقد افترش الرجل المسكون بإعاقته أمام فرع آيل للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان معترضا على قرار هدم لجنة التعديات في محافظة خليص لمنزله الكائن في خليص والذي بنته الجمعية الخيرية في المحافظة سكنا له. والقصة باختصار أن الجمعية الخيرية في المحافظة تبني وتساعد الناس، أثابها الله، ولكن لجنة التعديات في محافظة خليص لا يوجد لديها متسع لإهدار وقت العمل فهي تريد تنفيذ القانون وتطبيق الأمانة بسرعة ومن بعد ذلك لا يهمها أمر الناس، فليطيروا وينفذو بجلودهم ومن كان معاقا منهم.. فليمش سريعا أو ليمت في مكانه. أيا كانت الحيثيات وكيف كانت التفاصيل.. ومهما كان عليه نظام الثلاث ورقات من عدمه.. وبغض النظر أيضا لصالح أي هامور.. مسؤولا كان أو على رأسه ريشة.. فمن الواجب التعامل مع المواطن على أنه إنسان كائن، وكما أن عليه حقوقا، فمن الجانب الآخر له على الآخرين حقوق.. وبعد ذلك كله ومن قبل فأين هي هذه الحقوق!! هذه هي القصة وفق أسلوب أقصر الطرق لكي نتفهم الحقيقة.. وكإنسان يمثل رأيا ولا علاقة له بأنظمة الادعاء على مواطنين لا يمتلكون أكثر مما يسترهم من الثياب، فيجب تعويض المواطن من عدة جوانب، فلترويعه على من تقع عليه العهدة «تعويض»، ولمن أدعى ملكية الأرض المقام عليها سكن للمحلبدي ومن يقع وفق حالته من المواطنين الآخرين تعويض أيضا، ما لم يكن لملكية الأرض للغير استناد شرعي أكيد بسند صحيح، وإن كانت ملكية الأرض آيلة فعلا لأحد شيوخ القبائل أو غيره، فلا بأس من أن يحصل المالك على حقه، لكن ليس قبل تأمين السكن البديل لهذا المواطن، إذ هو كبير سن وأيضا معاق.. ولإعاقة المواطن المحلبدي وصعوبة حركته بما يؤثر على نفسيته وصولا إلى فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان أيضا، فيجب أن يكون هناك لمن تسبب في إتعاب هذا المواطن من ناحية أخرى «تعويض»، والتعويض الأخير آيل إلى عجز من لا يستطيع ممارسة الانتقال بحريته الكاملة مشيا على الأرض أو هكذا انتقالا إلى مبتغاه من عدمه. وللواقع من عدمه أيضا يفترض لحقوق الإنسان أن يكون لها ممثلون قانونيون لا للدفاع عن حقوق العجزة وكبار السن، وإنما أيضا ممثلون يزورونهم في بيوتهم متلمسين مطالبهم وتقديم دعاوى ضد من يمارس أي تعد حقوقي عليهم.. أفلا يكفي هذه الفئة من الناس أنهم محابيس في الهواء الطلق قضاء وقدرا عليهم، وأنهم أمانة في رقاب من تقع عليه العهدة من المسؤولين.. فهل نأتي بعد ذلك كله ممثلين عبر جهات باختصاص وغير اختصاص لكي نحتز ما بقي لديهم من قليل أمل في تذوق فتات الحياة!!