لا نشيع حالة ذعر، أو نستنبت ثنائية هاجس وترقب. فعندما نعمل ثيرمومترية تداول السلطة والثروة، ونتحدث عن الماثل والآفل، سنستغرق في ضرب من فرضية استحداث كتلة تاريخية ناضجة وقادرة على إنجاز فعل الوحدة، لأي أسباب أو تداخلات أخرى، يبقى المشكل مرهونا بمقدار التنازلات التي يمكن أن تقدمها أذرع التنافس الانتخابي بماهيتها الحزبية أو الكيانية ذات المشروع السياسي الناضج. وبتفعيل جاهزية المركز بيمينه ويساره، واستعداد قوى الوعي، والعاملين عليه، للتضحية حيال بلوغ برنامج حد أعلى، كمواثيق للقضايا المصيرية والانحياز لها، ما قد يؤدي -على المنظور المترامي- إلى التحولات المنشودة في الزمن الواحد، المصير الواحد، الجغرافيا الواحدة والخطاب التاريخي الواحد. أهل السودان، يلتمسون العثور على بلادهم تمثل حضارة واحدة شاملة وجامعة في التاريخ، ذات مركزية متماهية آيديولوجيا وقابضة على قلبه وأطرافه. يحلمون بالقومية المهيمنة، لا المتراكمات القبلية، المحددة بلا دقة مفاهيمية أو نظرية، يتطلعون إن سألوا الصحراء تجيبهم الغابة. خبر السودان التجارب التاريخية، الاجتماعية والاقتصادية، وصهرت كثير من الكيانات والتجمعات السياسية والبشرية إلى تكوينات وتنظيمات أرقى سياسيا واجتماعيا. وعطفا على حدث، ما يحدث وما لم يحدث إقليميا أو دوليا، تناثرت الرؤى أمس الأول، لحظة أن كرر لويس مورينو أوكامبو من بروكسل في مؤتمر صحافي أمام بعثة المراقبين المنتدبة من الاتحاد الأوروبي لمراقبة انتخابات أبريل ضرورة اعتقال الرئيس السوداني. وهنا، نستدعي ما قيل، إذ لا يخامر أي حصيف أدنى ارتياب أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير، استن فرضية عرجاء، لتنحسر عن فحواه إيجابية النتائج على نسيج الأزمة في دارفور. وبكلمات أكثر التصاقا بالواقع، لا يعدو أن يكون تحفيزية صريحة لمن شقوا عصا الطاعة على المركز ولفظوا المفاتيح السياسية، أن يحتكموا ثانية إلى الاقتتال؛ بذريعة أن رأس الدولة يقع تحت طائلة الإدانة الدولية، فيباح النهوض عليه كيفما كان السبيل، وإن تجاسر تحجيم دور القوات الدولية هناك، أو تحييدها على الأقل. وهنا ثالثة الأثافي بحرمان نحو ستة ملايين نسمة من أهل الإقليم من بصيص السلام. وهو موقف تتحدث عنه هيئات إقليمية لها وزنها كالاتحاد الأفريقي، منظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية، وتضم هذه الهيئات زهاء نصف دول العالم، فضلا عن الموقف المعارض الذي تتخذه كل من الصين وروسيا في مجلس الأمن ودول أخرى. تكمن المفارقة الرئيسة في قرار قضائي يتدخل في نزاع تتبلور جهود سياسية لمعالجته، ويطال رمز دولة على سدة الحكم. فإن سلمنا جدلا أن المسعى لتأجيل القرار أو حتى تجميده يتعين أولا ضمن إطاره الإقليمي ومن ثم الأممي، يمكن القول إن العلاقة بين النظامين القضائيين الدولي والإقليمي، تبقى علاقة تعاون وتكامل، وليس علاقة تنافر أو تعارض إن توفر شرط القسطاس والعدل. وهي الدعوة التي يمكن توجيهها إلى الأنظمة القضائية العربية للتعاون لاستحداث بنية لمحكمة عدل مع الأنظمة القضائية الدولية للتماهي وإحداث ميزان لا تفلت منه جرائم إسرائيل في غزة، وكل (نيرون) عالمي. ولعل هذا الأمر لا يقتصر على المسرى المنهجي فحسب، بل هناك اعتبارات قانونية وسياسية، فضلا عن الاعتبارات الإنسانية والحقوقية التي تتطلب دراسة معمقة؛ سواء ما له علاقة بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، أو تأثيرات الحروب وأعمال العدوان التي حفلت بها الساحة الدولية، وتحديدا عقب أحداث 11 سبتمبر وما تبعها من غزو أفغانستان واحتلال العراق، وانعكاسات ذلك على مجمل نظام العلاقات الدولية، إلى جانب تأثيراته على النظام القضائي الدولي، لا سيما بعد ما حدث من امتهان للإنسان في سجون أبو غريب و جوانتانامو، علاوة على السجون السرية الطائرة في أوروبا والسجون العائمة، التي أظهرت مدى الاستخفاف بحقوق الإنسان وبنظام العدالة الدولية. إن جعل ولاية هذا القضاء مستدامة العدلية، سيعطيها فرصة الملاحقة عن الجرائم وإنزال العقاب بمرتكبيها، علما بأن تلك الجرائم لا تسقط بالتقادم. ومع أن العديد من الدول الكبرى، وضمنهم بعض أعضاء مجلس الأمن الدولي الدائمين، عارضوا إنشاء نظام المحكمة الجنائية الدولية، أو تحفظوا عليه أو لم يصادقوا حين وقعوا، إلا أن إنشاء المحكمة ودخولها حيز التنفيذ، رغم المعارضات الشديدة وبعض النواقص المهمة في نظامها الأساس، لا يعني خروجها أو تعافيها من عاهة العرج. وعودة على ذي بدء، وبلسان جمعي، نفصح بفرضية أن أمر الوحدة أو الانفصال مصير يمتلك مفاتيحه الجنوبيون وحدهم، ويجافي هذا المنحى الصواب. فهناك حبل سري يربط رهط من قادة الجنوب بالولايات المتحدة، ويدركون جيدا أن لا ناقة لهم ولا جمل في تقرير مآرب واشنطن في تلك المنطقة دون ضوء أخضر من أعلى تمثال الحرية. والمستعصي على الفهم لدى البعض، تساؤل ساطع: ما المغزى الأمريكي وتعاويذه الغرضية؟. إن توخينا حصافة، تلعب الأموال تحت الرمال، أي نفط تلك الجغرافيا، الغاية المتوخاة. فواشنطن تستكثر على بكين أن تستأثر به، أو حتى مجرد التطلع إلى صهاريجه. ومن يتجاوز أن الفوز بعيون النفط السوداء وحور دوائر براميله يقتضي وجود سيادة نظام مستقر، يظل واهما. وإن حلمت واشنطن أن دولة أرست قواعدها في جنوب السودان، هي أيضا قفزت على ما تعيه كل المعطيات ما ينتظر هذا الحلم من احتراب بيني، وثارات أكبر من بني دينكا، شلك أو نوير، فستنكص، أي واشنطن، إلى مساحة أن لا مناص من الوحدة، بل ستعمل على تزيينها لقادة الجنوب، وتساومهم لإقناع مواطنيهم بجدواه. ولا يخفى على لبيب، أن الغرب كله لا يريد للثقافة الإسلامية العربية أن تسود جنوبي السودان، ولا أن يكون البرزخ إلى بلاد أفريقية تنتصب فيها المآذن ويذكر فيها اسم الله، فأية مندوحة سيتبنى للكبح؟. أمران لا ثالث لهما -بحسبهم- فيفتي بعضهم أن الانفصال هو الذي يحصن الجنوب من هذه الثقافة، بيد أن هذا لن يحدث إلا إذا استؤصل الحبل السري بين الشمال والجنوب استئصالا أبديا بعد الانفصال، و هذا أمر مستحيل واقعا، لا سيما من ناحية اللغة. فشلت اللغة الإنجليزية في أن تحل بديلا للغة العربية العامية (عربي جوبا). وما يستقرئه المستقبل والملموس الحاضر أن يبقى الوضع اللغوي على ما هو عليه. وإن تعاطينا ومحّصنا المظهر العقدي، ظل الإسلام دينا لشرائح مؤلفة من الجنوبيين، فمن بمقدوره أن ينتزعه من صدورهم وإن أريد لدولتهم أن تصبح علمانية ديمقراطية. آخرون، يرون أن مبدأ الوحدة هو المبتغى الذي يحقق هذا الهدف، إذ إن نسبة الإنجاب بين الجنوبيين أكثر منها بين الشماليين؛ لأنهم لا يضعون حدا لما يسمح به للرجل أن يتزوج من النساء، فإن تواترت هذه الزيادة صعودا، فإن السودان يوشك أن يكون بلدا غير عربي وغير مسلم، بحسبهم. هناك منحى غربي يتبنى: إن الدولة الضعيفة التي لا تحكم السيطرة على ما يعتمل في أراضيها، دولة خطيرة على الغرب. لأنها ستصبح مرتعا خصبا للإرهاب، ويضربون مثلا على ذلك بالصومال؛ لذلك فإنهم لا يريدون للانفصال أن يكون حقا لكل جماعة تختلف هويتها عن بقية المواطنين في الجغرافيا المعينة. والدول نفسها، الأفريقية منها، لا تريد لمسألة تقرير المصير في السودان أن تكون مثالا يحتذى في أقطارها. وربما كان هذا هو السبب في أن الأمين العام للأمم المتحدة الذي حضر اجتماع القمة الأفريقي، حث القادة المشاركين قبل بدء الاجتماع، أن يعملوا على وحدة السودان وأن يجنبوه انفصال الجنوب. إن اتفاقية (نيفاشا) تقر بدولة واحدة ونظامين، لكن بعض الزعماء الجنوبيين يرون أنهم لن يكونوا مواطنين على قدم المساواة مع الشماليين، إلا إذا كان الحكم في السودان حكما علمانيا يستوي فيه الجنوبي مع الشمالي. نخلص، أن أبريل 2010 ويناير 2011م، برزخان فاصلان في تاريخ السودان، ويأمل الحادبون على عافية تلك الجغرافيا، أن تستبق ما يكمن تحت مرجل تفاعلها، وما طال بلادا أخرى مرت بملابسات أقل خطرا مما يعيشه السودان، كإندونيسيا مثالا. وأن يتوافق أهل السودان على نمط أوسط يحفظ لبلادهم وحدتها، وأن تسفر الانتخابات عن نتائج تتكئ عليها خيارات الوحدة، وألا تصبح ك(مجير أم عامر). المرشحون لمنصب رئيس الجمهورية وفقا لأحكام المادة 47 من قانون الانتخابات القومية لسنة 2008م، تعلن المفوضية القومية للانتخابات نشر كشف المرشحين النهائي لمنصب رئيس الجمهورية. الترشيحات التي تم قبولها: عمر حسن أحمد البشير المؤتمر الوطني عبد الله دينق نيال ايوم المؤتمر الشعبي ياسر سعيد عرمان سعيد الحركة الشعبية لتحرير السودان مبارك عبد الله الفاضل المهدي حزب الأمة والإصلاح والتجديد الصادق الصديق عبد الرحمن المهدي حزب الأمة القومي عبد العزيز خالد عثمان إبراهيم التحالف الوطني السوداني كامل الطيب إدريس عبد الحفيظ مستقل حاتم السر علي سيكنجو الاتحاد الديمقراطي الأصل محمد إبراهيم نقد منور الحزب الشيوعي السوداني محمود أحمد جحا محمد مستقل فاطمة أحمد عبد المحمود محمد الاتحاد الاشتراكي السوداني الديمقراطي منير شيخ الدين منير جلاب القومي الديمقراطي الجديد مسار الانتخابات الزمني الاربعاء 27/ 1/ 2010م: قفل باب الترشيح لجميع المستويات التنفيذية والتشريعية (الساعة السادسة مساء) السبت 30/ 1/ 2010م: نشر كشف المرشحين الأحد 31/ 1/ 2010م السبت 6/ 2/ 2010م (8 أيام): تقديم الطعون للمحاكم الثلاثاء 2/ 2/ 2010م الإثنين 8/ 2/ 2010م (7 أيام): النظر في الطعون من قبل المحاكم الأربعاء 10/ 2/ 2010م: نشر الكشف النهائي للمرشحين الجمعة 12/ 2/ 2010م: آخر يوم لسحب الترشيحات لكل المستويات التنفيذية والتشريعية السبت 13/ 2/ 2010م الجمعة 9/ 4/ 2010م (56 يوما): فترة الحملة الانتخابية الأحد 11/ 4/ 2010م الأحد 18/ 4/ 2010م: الاقتراع والفرز وإعلان النتائج انتخابات الجولة الثانية لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب متى ما دعت الحاجة الأربعاء 10/ 5/ 2010م الخميس 11/ 5/ 2010م: الاقتراع والفرز وإعلان نتائج الجولة الثانية