إن تربية النفوس تستلزم جهداً حتى نستطيع أن نجعلها تحترم صغار الأمور وكبارها خاصة ما له علاقة في التعامل مع الآخرين وبدرجة أخص العلاقات الزوجية؛ لأنها ترتبط بالضمير الذي يحكمه الشعور الحي بمراقبة الله سبحانه وتعالى الذي يطلع على دقائق النفس البشرية، أصغر شؤونها، وأخفى نواياها، وأبعد طواياها، لذلك لا غرو أن يتناول القرآن الكريم هذه القضايا الزوجية والأسرية بشيء من الاهتمام حتى أن هناك سورة تناولت بالتفصيل قضية زوجية بين رجل وامرأته ظلمت فيها الزوجة فما كان منها بعد أن نفد صبرها إلا أن قدمت شكواها ورفعت دعواها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبعد المحاورة معه صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك وضوح في شأنها جاء التوجيه من السماء واتخذ في شأنها قراراً وحكماً ربانياً. لقد نظر الرجل في الجاهلية إلى المرأة على أنها محل متعته وشهوته فعندما يغضب عليها يقول لها «أنت علي كظهر أمي» ويتركها معلقة لا زوجة ولا مطلقة ثم تراوده نفسه أن يأتيها في جنح الظلام عند عودة هرمونه الذكوري له وهو شأن بعض الأزواج اليوم حيث يطلق مرات عديدة جداً تارة بسبب وتارة وبدون سبب ثم يهجرها أياما ثم يجيء مستخفياً بالليل أو سارباً بالنهار ليلغي طلاقه بحصول المراد من زوجته التي ما فتئت أن ترضخ لطلبه بدافع ضعفها وإيثارها للبقاء مع صغارها. إن الظهار عادة جاهلية أبطلها الإسلام وجعل لمن يقع فيها حكماً واجب التنفيذ، وجاء شرحه في أوائل سورة المجادلة حيث يرويه الإمام أحمد عن خويلة بنت ثعلبة قالت: في والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة، قالت: كنت عنده، وكان شيخاً كبيراً قد ساء خلقه، قالت: فدخل علي يوماً فراجعته بشيء فغضب، فقال: أنت علي كظهر أمي، قالت: ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة، ثم دخل علي، فإذا هو يريدني عن نفسي قالت: فقلت: كلا والذي نفس خويلة بيده، لا تخلص إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا حكمه، قالت: فواثبني، فامتنعت منه فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف، فألقيته عني، قالت ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثياباً، ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه، قالت: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه» قالت: فو الله ما برحت حتى نزل في قرآن فتغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه ثم سرى عنه فقال لي: «يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآنا» ثم قرأ قوله تعالى (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير). في مجتمعنا اليوم هناك زوجات كثر يعانين من أزواجهن بسوء معاشرتهن من خلال سوء أخلاقهم ومعاملتهم وقد صبرن عليهم في كل شيء إلا أن يصبح الطلاق حاضراً على الفم في كل صغيرة وكبيرة، إذا لم تحضري ماء بسرعة فأنت طالق، إذا بنتك خرجت أنت طالق، إذا الأكل لم يجهز أنت طالق، حتى في الاستراحة وهو بين شلته إذا استطاع أحد أن يغلبه فعليه بالطلاق بالثلاثة من زوجته إن حصل ذلك، حقاً لقد ذهبت هيبة الطلاق الذي سنه الله كمخرج عند الأزمات وجعله أبغض الحلال وجعل له طريقة معينة تؤدى فيها وهو أن يكون الطلاق سنيا وليس بدعيا، يعني أن يطلقها في طهر جامعها فيه، كل ذلك لكي يدرأ وقوع الطلاق، وجعله واحداً وثانياً وثالثاً حتى تتم المراجعة. وفي الغرب الطلاق والانفصال له نظامه وقوانينه والحق محفوظ لهذه المطلقة بكل أبعاده، وفي شريعتنا ما لا يوجد عند الغرب من توجيهات ربانية في حفظ حقوق المطلقة لكن ممارسة الأزواج له بعد الطلاق سيئة وهو ما جاء في القرآن الكريم والسنة المطهرة لما يعرف بحقوق ما بعد الطلاق. وبحفظ حقوق الصغار من رعاية وأمومة وحضانة وكفالة وصرفيات مالية حتى احتساب الرضعات يصرف عليها الزوج المطلق لذلك جعل الطلاق من الحدود التي يجب عدم التلاعب بها، أما أن نضيع حدود الله بعدم ضبط عدد مرات الطلاق وأن نبهذل المرأة المطلقة فنجعلها معلقة حتى تضطر إلى الخلع والذي تضطر إليه اضطراراً كمن يخلع ضرساً متورماً قد ضغط على الأعصاب فحرقها وآلمها فذلك سلوك أشبه بسلوك الطواغيت، ومما لفت نظري في معظم المحاكم الأوروبية هو اعتبار أن الطلاق خروج بإحسان كما كان الدخول بإحسان، فلماذا لا نرضخ إلى هذه القاعدة التي أرشد الله إليها في القرآن وهي سلوك إنساني راق، قال تعالى (وأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بإحسان)، وقال تعالى (ولا تنسوا الفضل منكم)، وقال تعالى (ويغني الله كلا من سعته). [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 120 مسافة ثم الرسالة