لي أخ عمره خمسة أعوام يخاصمه أبي كثيرا، ويعتبر أي أحد يتكلم معه حين يخاصمه هو متمرد، وبدأنا نلاحظ تغيرا في سلوك أخي صار يكذب كثيرا لأتفه الأسباب وأصبح يدعي أمام أبي أننا ضربناه وشاكلناه. وليت كذبه توقف عند هذا الحد بل أصبح يكذب على أمي أنها تضربه، وصار كثير البكاء لدرجة أنه اتعبنا، بسببه صارت أمي تتعرض للإهانة والظلم من أبي الذي يعاملها كالخادمة تطبخ وتنظف البيت وليس لها أية علاقة بتربية أخي، لقد تعبنا جميعا من القصص المتكررة بين أبي وأخي وأمي ماذا نفعل حتى نتخلص من آلامنا هذه. رشا أبها من المؤسف أن كثيرا من الآباء لا يعون حقيقة مهمة تكمن في أن تربية الأبناء أشبه بطائر له جناحين، أحدهما الأم والثاني هو الأب، وكما لا يمكن لطائر أن يطير بجناح واحد، فإن التربية لا تقوم بأحد الأبوين دون الآخر ولاسيما حين يكون هذا الوالد الآخر موجودا في ساحة الطفل، والمؤسف أحيانا أن أحد الوالدين يلغي الوالد الآخر حتى وهو حي سواء بتهميشه كما هو حاصل مع والدتك، أو بالطلاق كما يحدث في حالات أخرى، وتهميش والدتك والتقليل من شأنها مع القسوة التي يمارسها والدك عليها هي الأسباب الكامنة وراء سلوك أخيك، فالكذب في مثل حالته عبارة عن وسيلة لتجنب العقاب من والدك، والادعاء بأن والدته ضربته هو وسيلة لكسب اهتمام الأب والتوحد معه، لأنه أدرك أن أباك يستمتع بإهانتها، وبالتالي فأخيك بات بطريقة لا شعورية يحرص على فعل ما يعتقد أنه يرضي أباه من ناحية وكأنه يتوحد معه، وهو يبعد تركيز أبيه عليه في العقاب من ناحية ثانية، ولكن ما لم يتنبه له والدك لهذا الأمر الخطير وهو تشويهه لصورة الأم في نظر أخيك، وهذا له انعكاسات خطيرة على مستقبل أخيك وموقفه من المرأة مستقبلا، وهناك خشية من أن يصبح رجلا لا يعطي قيمة للمرأة حين تصبح زوجة له، أو ابنة، كما أن له انعكاسات خطيرة في مرحلة المراهقة حيث من غير المستبعد أن يراها سلعة رخيصة، يستهين بها وقد ينطلق لبناء علاقات محرمة كثيرة دون الشعور بالذنب مما يفعل، كل هذا يحتمل حدوثه وسيكون والدك هو المسئول عنه مسئولية أخلاقية وسلوكية، ولا أدري ما الذي سيقوله لخالقه إن هو وقف بين يديه، مع يقيني أن تلك الوقفة تعني الكثير لوالدك، إن هذا السلوك من أبيك سيترك بصمة سيئة في شخصية أخيك، ومن غير المستبعد أن يزداد كذبه، وادعاؤه، وأن تزيد لديه الرغبة في الانتقام ممن يعترضه، ناهيك عن إمكانية أن تظهر لديه سلوكيات مضطربة، لأن الأم لها مكانة كبيرة في نفوس الأبناء، وما يفعله أبوك سيدفع أخاك إلى اضطراب العلاقة مع أمه، وهذا سيترك آثارا مدمرة على شخصيته، أتمنى أن يعي والدك هذه الحقائق ويتوقف عن إهانة أمك والتقليل من شأنها، كما أتمنى أن يتوقف عن التعامل مع أخيك الصغير بأسلوب القهر والقسوة، لأن مثل هذه الأساليب تشوه مفهوم الطفل عن نفسه، وتضعف ثقته بنفسه وبالعالم المحيط به، إضافة لما ذكرناه من آثار سلبية على شخصيته وعلى علاقاته مع من حوله حاليا ومستقبلا.