في أمسية شهدها الصالون الثقافي لوزارة الثقافة والإعلام في قطر، ضمن الأنشطة المستمرة للدوحة عاصمة للثقافة العربية، قدمت الشاعرة المغربية أمينة المريني، بمصاحبة عزف على العود، عدة قصائد، تعيد الذهن إلى عهد الشعر الذي يطرب عند السماع، الشعر الذي يحلق في القاعة كنسيم طري، والشعر الذي لا ينسى، ويجعلك تطارده حتى تحصل عليه مرات ومرات. اسم الشاعرة لم يكن مطروقا في المشرق العربي كثيرا، لذلك لم تكن القاعة ممتلئة بالمستمعين، ولعل السبب أيضا، تلك السمعة السيئة التي اكتسبها الشعر أخيرا، حين نزع ثياب التطريب القديمة وارتدى ثيابا أخرى، فيها الكثير من التعقيد، وإشراك الذهن في مغامرة كبيرة للبحث عن جسده وسط تلك الثياب الغريبة. أقول دائما إننا شاركنا في مؤامرة طرد الشعر من مساكنه العامرة، واستبدلناه بالرواية، والآن في سبيل قتل الرواية أيضا بذلك الكم الهائل غير المجدي الذي ننتجه يوميا، ثم لنجلس في النهاية بلا آداب ولا فنون، ولكن مستهلكين للثقافات الأخرى، التي تأتينا من بعيد. أعود إلى أمسية أمينة، المغربية التي لم أسمع بها من قبل، وذهبت إلى أمسيتها مصادفة، وعرفت من سيرتها أنها معروفة بشدة في بلادها، في تلك الأمسية كانت القصائد تخاطب القلب مباشرة، لا بيت شعر موزون ومقفى، إلا يخرج من صوتها مباشرة إلى القلب، ولا رنة من رنات العود المصاحب إلا ترجمة حية لذلك العشق الوجداني المنساب برقة وعنفوان، وبالرغم من أن القصائد كلها كانت كلاسيكية في معمارها، إلا أن الشاعرة، وبمقدرة فائقة، استطاعت تحميلها بالصور المبهرة التي لم نكن نظن أن المعمار القديم، يستطيع تحملها. لقد حملها البنيان بجدارة، ولم يتصدع، وحلقت على ظهره بخفة ولم تسقط. أنا في الغالب من عشاق القصيدة الجديدة المتحررة من القافية، المليئة بالصور والدلالات، تلك التي أنتجها عبد الصبور، وأمل دنقل، ومحمود درويش ومصطفى سند، وغيرهم من أساتذة الشعر، ونادرا ما أقرأ لشاعر ملتزم كلية بالبناء التقليدي للقصيدة، لكن ما صاغته أمينة، وبإمكانيات خاصة ربما يجعلني أنبش في دواوين جديدة بحثا عن شعر ملتزم وفي نفس الوقت، محمل بالصور الكبيرة. للتواصل أرسل رسالة نصية SMS إلى الرقم 88548 الاتصالات أو 626250 موبايلي أو 727701 زين تبدأ بالرمز 104 مسافة ثم الرسالة