الشرع لا يعتبر إلا الدين، والآية الكريمة والأحاديث الصحيحة الصريحة لا تعتبر إلا الدين ولم يصح حديث بغير ذلك، فأهل الحديث وأهل الصناعة أدرى بصناعتهم، وهذا هو الذي فهمه السلف الصالح وليس هناك متسع وإلا لاستقصيت الأدلة والشواهد ويكفينا قوله تعالى: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير»، وقد ترجم الإمام البخاري في صحيحه الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله بقوله «باب الأكفاء في الدين» وقوله «وهو الذي خلق من الماء بشرا» الآية، ثم ساق البخاري من الأدلة ما يدل على أن الكفاءة هي الدين لا غير، وقال عليه السلام يا بني بياضة انكحوا أبا هند وانكحوا إليه وكان حجاما، وزوج عليه الصلاة والسلام زينب بن جحش القرشية من زيد بن حارثة مولاه، وزوج فاطمة بنت قيس الفهرية من أسامة ابنه، وتزوج بلال بأخت عبد الرحمن بن عوف، وتزوج سالم وكان مولى لامرأة من الأنصار ابنة عتبة بن ربيعة. وقال ابن القيم: فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الدين في الكفاءة أصلا وكمالا، فلا تزوج مسلمة بكافر ولا عفيفة بفاجر، ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمرا وراء ذلك فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث، ولم يعتبر نسبا ولا صناعة ولا حرفة، فيجوز للعبد القن نكاح الحرة النسيبة الغنية إذا كان عفيفا مسلما قال محرره وهو الحق الذي يجب أن يعمل به. انتهى من السلسبيل في معرفة الدليل تأليف الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي الدوسري رحمه الله. الكفاءة في الدين فقط وهو الذي يقوم عليه الدليل الشرعي بخلاف العوائد والعرف الحادث. وهو قول المحققين من أهل العلم، وعلماء الدعوة السلفية النجدية الذين رفعوا شعار العمل بالدليل قولا وعملا، فلو رجعنا إلى الدعوة التي حمل رايتها الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كانت دعوة تطبيقية مبنية على القاعدة التي استفاضت بعدة روايات أشهرها «إذا صح الحديث فهو مذهبي». أما أن يتولى رفع شعار النعرات القبلية الجاهلية علماء فهذه بلا شك تعيدنا إلى عهود التصحر، فإن العلماء الربانيين الذين جازوا القنطرة أرفع وأجل وأسمى من هذه المواقف المخجلة. لنتحدث عن الواقع ونرى هل يتماشى مع الدين أم لا؟ الحكم الشرعي انتهينا منه وهو الفيصل لمن وفقه الله ونور بصيرته. أما بالنسبة لما عليه الناس فيكون تناوله في مبحث آخر. محمد بن عبد الرحمن بن حسين آل إسماعيل