أكد عضو المجلس العلمي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمد بن أحمد الصالح أنه لا يحق لأهل الزوجة التراجع وفسخ النكاح ما دام أن الزوج كان صادقا فيما انتسب إليه، ولم يكن غاشا لهم، موضحا «أن موقف الإسلام يقتضي عدم جواز فسخ نكاح غير المتكافئين والتفريق بينهما إذا كان الزوج صادقا في انتمائه إلى قبيلته وقبله أهل الزوجة وزفت إليه واتصلت به وأنجبت منه، فحينئذ لا يجوز التفريق بينهما».. مبينا أن تهديد أهل الفتاة لها تعسف وظلم، وأن عليها اللجوء للمحكمة طلبا لحمايتها منهم، مبينا أن الطلاق بالإكراه لا يقع. وأشار الدكتور الصالح في تصريحة ل «عكاظ» أن تكافؤ النسب في النكاح أمر مختلف عليه بين أهل العلم، ويأتي بعد أمور تم الاتفاق عليها مثل الكفاءة في الدين، درجة التدين، الحرية، طيب الكسب، السلامة من العيوب والأمراض المعدية أو التناسلية، وألا يكون مجهول النسب، معتبرا أن هذه مسلمات لا خلاف فيها. واستعرض الدكتور الصالح شروط الكفاءة المختلف عليها مثل الغنى واليسار والحرفة وتفاوت الحسب، لافتا إلى أن العرب يتفاخرون بالأنساب، وكان عمر رضي الله عنه يقول (لأمنعن فروج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء)، ويؤيده في رواية عنه الإمام أحمد بن حنبل ويؤيده أبو القاسم الخرقي أحد أئمة المذهب الحنبلي، فهم يقولون إن الكفاءة شرط لصحة العقد. أما جماهير العلماء فيقولون إن الكفاءة شرط للزوم العقد لا لصحته، بمعنى أن العقد مع تخلف الكفاءة صحيح لكن لا يكون لازما، وتترتب عليه آثاره إلا بموافقة جميع الأولياء مثل الأب والإخوة والأعمام وأبنائهم. وأوضح الدكتور الصالح أن التفاوت في الحسب والنسب فيه خلاف، لأن الكلمة التي يجب أن تقال إن الإسلام لا يقيم وزنا للعرق واللون والجنس، فالأعجمي كفؤ للعربية، القرشي لغير القرشية، والفقير للغنية، وقد قال صلى الله عليه وسلم (من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه)، مبينا أن الرسول صلى الله عليه وسلم زوج زيد بن حارثة من زينب بنت جحش ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم ولما طلقها زيد تزوجها من بعده عليه الصلاة والسلام، وفاطمة بنت قيس القرشية وقد أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتزوج من أسامة بن زيد الذي يعتبر مولى وابن مولى (في نظر قريش)، والصحابي الجليل أبو حذيفة رضي الله عنه زوج ملاه سالم من هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة من أشرف أشراف قريش». وأردف قائلا «النبي صلى الله عليه وسلم قال لبني بياضة من الأنصار (زوجوا أبا هند) وكان حجاما، وقد كانت هذه المهنة وضيعة عند العرب قديما، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه زوج أخته من بلال بن رباح الحبشي الأعجمي الذي كان أسود اللون، لكن الإسلام رفع قدره حتى قال عمر رضي الله عنه مخاطبا أبا بكر الصديق حينما أعتق بلالا رضي الله عنه (أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا) فإن مكانة بلال في الإسلام جعلت عمر يعتبره سيدا»، مؤكدا أن الدين لا يفرق بين أحد من المسلمين لقوله تعالى «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم».