أول إشارة عرفناها عندما ذهبنا إلى المدرسة ونحن صغار نتعلم مادة التعبير هي قول المعلم، أكتبوا لي صفحة عن طلب المسلم العلم على نحو القول المأثور «اطلبوا العلم ولو في الصين»، وللواقع لم أكن أعرف وقتئذ كيف أكتب عن الصين، لأنني ببساطة لا أعرف شيئا عنها، وجاء نفس الأستاذ في درس النحو وقال أعربوا الكلمات نفسها، وفرحت كثيرا ولكني وقفت عالقا زهاء أربعين دقيقة عند كلمة «لو» لأنني وقتئذ ولاأزال لا أعرف بأدوات التمني كثيرا عنها. ومن قبل هذه العبارة كانت هناك قصة الوحي عندما نزل على سيدنا محمد وقال له «إقرأ» ورد النبي ما أنا بقارئ .. أي لا أعرف ماذا أو كيف أقرأ.. وطبعا فهناك قصة من بعد الفعل «إقرأ» وقصة من بعد القول النبوي بإشارة فعل الأمر الآيل إلى الحث والإرشاد، فأما الإشارة الأولى فقد كانت كلمة الفعل «إقرأ» أول كلمة تأتي في القرآن ومن بعد «إقرأ» بمراحل ومفازات فنحن نقف أمام عبارة «اطلبوا العلم ولو في الصين»، ومن بعد ذلك وصولا إلى نهاية المطاف، فالحكمة ضالة المؤمن، فأنى وجدها فليأخذها. غير أن هذه الحكمة نفسها نجدها في «الكلمة» التي أعطاها الله لسيدنا موسى عليه السلام في صيغة الوصايا العشر، وهناك نفس الإشارة موجودة لدينا في مكان ما، وقد عرفها العبريون قديما ولا يزالون بصيغة (هاملخوت هالاخا) أي شريعة الله أو بما في معناه ملكوت الله. ومن الكلمة العبرية الثانية اشتق رواد التشريع في إنجلترا وأمريكا كلمة قانون!! وإذا ما كان قد جاء في العهد القديم أنه في البدء كانت الكلمة، فإن نزول القرآن في أوله بكلمة «إقرأ» وثيق الصلة بما جاء قبله، ولعمري من كان يفكر طويلا في مسألة الكلمة بمعناها السماوي فإنه قطعا سوف يصل إلى أنها كانت العهد ومن يقرأ الكلمة بتدبر، فسوف يعرف أن الله الذي أنزل التوراة وكلم موسى تكليما، فهو الله الذي أوحى إلى نبيه أيضا ب «الكلمة»، عهدا أخيرا إلى العالمين لا تأتي بعده كلمة. ولكي نعرف حقائق الأشياء يتوجب علينا استنباط الروابط المشتركة، لأنه حتى في العهد الجديد عندما قال سيدنا عيسى بن مريم لإبليس وهو يحاول خداعه «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان»، فقد كان سيدي عيسى بن مريم يقصد من نواح غير الخبز «الكلمة»،.. لأنه لاحقا هكذا عاش بالكلمة، وبالكلمة نفسها ومن خلالها أقام هكذا أمواتا بإذن ربه، وحتى في منتصف حياته قال للذين آمنوا به وحوله أعطيكم كلمة الله سلطانا. لكن للصين في أوراقي حكايتان، حكاية في صباي البعيد كثيرا قرأتها، وليس بمقدوري اجترارها لأنني لم أذهب إلى الصين بعد. وأما القصة الأخرى فسريعا أكتبها بحسب ما هو معلوم وصحيح ظاهر: فمنذ أن قرأنا «اطلبوا العلم ولو في الصين»، لم نكن وقتئذ نعرف عن الصين شيئا، كانت الصين في أفكارنا بعيدة جدا جدا، ولكن شاء الله في هذا الزمان أن تصبح الصين قريبة جدا، ففي أثر الموافقة الملكية على التوسع في ابتعاث طلبة سعوديين للدراسة في الصين، هذا عدا تواصل الجامعات السعودية مع نظيراتها الصينية، نكون قد قربنا واقتربنا مع عالم آخر يتناقض مع الغرب بموقعه الجغرافي من ناحية الجهات، وبما لا تناقض فيه ولا مبالغة أبدا أبدا لما يأتي بطيه مشفوعا به وإليه فهو يعتبر دون شك على يد الملك عبدالله بن عبدالعزيز فتحا علميا جريئا وبرعاية أبوية. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 264 مسافة ثم الرسالة