ما الذي يدفع الإنسان إلى التوقف عن الإغراق في التفاؤل وعدم الإمساك أو القبض على لحظة الأمل .. بل ما الذي يجعل هذا الإنسان المواطن يصل إلى مرحلة اللا عودة ويأسه من كل شيء قد يتصل أو يصله بهذا الواقع الموجوع .. أو بالمستقبل .. بل ما الذي يجعله مؤمنا بلا جدوى التغيير وأن لا وجود لضوء صغير في آخر النفق. هذه الأسئلة وغيرها تبرز اليوم وسط متغيرات اجتماعية، وسط حوار وجدل داخل المجتمع السعودي عن «لجنة تقصي الحقائق» وما هو المأمول من هذه اللجنة .. وأهمية أن تحقق فهما حقيقيا وجديدا في محاربة الفساد .. وتخلق تحولا جذريا داخل المجتمع السعودي .. من خلال خلق فكر إداري جديد .. يقوم في آلياته وأدبياته وممارساته على المراقبة والمحاسبة. إن الأمم والمجتمعات لا تبنى ولا تتقدم على حسن النوايا أو سوء هذا الطالع .. أو بالاجتهادات الآنية والعابرة ولا ترتهن إلى إرادة وإدارة فرد «بعينه» أو حالة شخصية بعينها ولكنها كما قلت أكثر من مرة بالعمل المؤسساتي والفكر الخلاق. من هنا تتجلى القيمة الكبيرة بتكوين هذه اللجنة .. جراء كارثة جدة أو الأربعاء الأسود .. التي أمر بتكوينها وبدء عملها وفعاليتها رجل الحوار والإصلاح عبد الله بن عبد العزيز .. وهي لجنة من شأنها أن تؤسس لبداية حقيقية ومن ثم خلق مناخ اجتماعي قائم على فكر إداري جديد وإدارة نظيفة ونزيهة وضمائر عالية الجودة في إدارة العمل الوطني .. وفي الوطنية العالية والسامقة لا الوطنية المنتفعة والنفعية ولكي تتأسس في بلادنا لحظة تاريخية تجعل الأجيال الجديدة والطالعة بعيدة عن ثقافة الفساد وذلك من أجل حماية هذه الأجيال من دنس ووسخ أدبيات هذه الثقافة القائمة على التحايل والمداورة والمناورة والقفز على المصالح العليا للوطن. ومن هنا ينبغي أن نقرأ المستقبل بحرية الرأي والجهر بالأفكار حتى لا نظل سجناء حسن النوايا والسكوت على حالة الفساد بالمعنى الشامل والعميق لمفهوم الفساد الفساد الإداري .. والأخلاقي والاجتماعي وكل ألوان وأشكال الفساد. ومن هنا أيضا .. علينا أن نتفاءل بالمستقبل .. عله يكون أكثر اخضرارا وخصوبة .. وأكثر ازدهارا .. وأكثر إيمانا بمعنى قيمة الإنسان وإيمانا بأهمية العلم والمعرفة .. وأن الحرية هي سبيلنا إلى هذا المستقبل تلك الحرية المسؤولة لا المنفلتة التي تذهب بعيدا في قول الحق وإظهار الحقيقة لا جعل ذهنية الخوف والارتهان إلى الصمت هي الذهنية السائدة والمهيمنة على كل أفعالنا وسلوكنا وممارساتنا .. بدءًا من البيت والمدرسة وانتهاء .. بالجامع والجامعة. لتزرع الأمل والثقة في عقول ونفوس الأجيال الطالعة للخروج من دوائر الفساد والخوف. إن حب الوطن لا يأتي هكذا اعتباطا .. ولكنه حب يسافر عميقا في الأرض ويمتد بامتداد جغرافية هذه الأرض ومساحة ومسافة الانتماء الذي يضيء جنبات ومساحات هذا الوطن وأعماق الوجدان .. إنه يأتي في لحظة شموخ بطل وشهقة شهيد، من هنا تتأسس الوطنية من خلال الممارسة الفعلية والحقيقية لمعنى الوطنية .. وتتكرس عبر السلوك والفعل والعمل والإنتاج بالأفعال لا بالأقوال. هذا آوان الدخول إلى زمن اجتماعي ترتفع فيه المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية، زمن ليس فيه اليوم فرصة للتستر على هذا أو مجاملة ذاك، إنه زمن الشفافية وسلطة الإعلام .. وحيث لم يعد فيه أي شيء خافيا على أحد. وحيث لم تعد هناك أغلبية صامتة؛ ذلك أن هناك بذورا لوعي اجتماعي ووطني مختلف وهو ما ينبغي أن يواكبه فكر إداري مختلف أيضا في بلادنا .. حتى لا يعم الفساد .. ويصبح جزءا من الخصوصية السعودية .. التي نتغنى بها. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 203 مسافة ثم الرسالة