وزارة البلديات وأمانة الشرقية و وبرنامج الأمم المتحدة يطلعون على مبادرات التطوير والتحول البلدي    توقيع اتفاقية تعاون بين أرامكو السعودية ومركز نمو للتعلم لإطلاق برنامج "واحة الابتكار"    الصحة القابضة والتجمعات الصحية يحصدون 8 جوائز في معرض جنيف الدولي للاختراعات    جمعية مرفأ للخدمات الأسرية بجازان تستقبل مفوض إفتاء عسير    جامعة الملك سعود توقع اتفاقيات عالمية خلال مشاركتها في مؤتمر مبادرة القدرات البشرية    طرح 20 مشروعًا عبر منصة استطلاع لأخذ المرئيات بشأنها    الخريف : نسعى لتمكين الشباب وإكسابهم المهارات اللازمة لوظائف المستقبل في الصناعة والتعدين    ترخيص 71 منصةً عقاريةً إلكترونية    وزارة المالية تُطلق برنامج الرقابة الذاتية    الحماد توجت الجامعات الفائزة...طالبات جامعة الملك سعود يُتوجن بكاراتيه الجامعات    لعل وعسى    قصّة لَوحة.. لكن من غَزة    رواية حقيقية من الزمن الماضي    محافظ الطائف يشارك لاعبي المنتخب السعودي تحت 17 سنة فرحتهم بالتأهل إلى نصف نهائي كأس آسيا 2025    وزير الطاقة الأمريكي يزور جامعة الملك فهد للبترول والمعادن    في جلسة وزارية خلال المؤتمر.. وزير التعليم يعلن:تأسيس مؤسسة وطنية لإعداد المعلمين    غوتيريش يدين الهجمات على مخيمات النازحين غربي السودان    أمير تبوك يقلد مدير مكافحة المخدرات بالمنطقة رتبته الجديدة    أمّ القرى ترتقي بمنجزاتها على منصّات التتويج الدولية 2025    أمانة الطائف تحوّل موقع مهمل إلى رئة جمالية جديدة .    تجمع الباحة الصحي يشارك في قافلة التنمية الرقمية    فريق طبي ب "تجمع الباحة الصحي" يشخّص حالة طبية نادرة عالميًا    مدير فرع الهلال الأحمر يستقبل مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الإجتماعية    "صحة القريات" تستدعي وافدة ظهرت في إعلان مرئي مخالف    أمانة جدة تصادر 30 طنًا من الفواكه والخضروات    ضغط عسكري متزايد على آخر معقل للجيش في دارفور.. الدعم السريع يصعد في الفاشر ويستهدف مخيمات النازحين    تعرف على المنتخبات المشاركة في كأس العالم تحت 17 عاماً FIFA قطر 2025TM    بختام الجولة 27 من روشن.. الاتحاد يبتعد في الصدارة.. والنصر يهدد وصافة الهلال    في انطلاق الجولة29 من" يلو".. النجمة للمحافظة على الوصافة.. والطائي للتعويض    لبنان دولة واحدة تمتلك قرار السلم والحرب    التعامل مع الأفكار السلبية.. تحرير العقل وكسر قيود الذات    السعودية تحصد الجائزة الكبرى في معرض الاختراعات.. وزير التعليم: القيادة الرشيدة حريصة على رعاية التعليم والمواهب الوطنية    لكل المشكلات في القرآن كل الحلول    اجتماع أمني رفيع بين العراق وتركيا لبحث التنسيق الأمني    الزامل مستشاراً في رئاسة الشؤون الدينية بالحرمين    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر توقع مذكرة مع جامعة الملك خالد    وقفات مع الحج والعمرة    بلدية محافظة الرس تطرح 13 فرصة استثمارية في عدة مجالات متنوعة    أسرة العساكر تحتفي بزواج خالد    مستشفى أحد رفيدة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للتوحد" و "عش بصحة"    "ترند" الباراسيتامول يجتاح أمريكا وأوربا    مؤتمر لتحسين جودة الحياة الأحد المقبل    رابطة العالم الإسلامي تدين قصف الاحتلال الإسرائيلي المستشفى المعمداني بغزة    أمير الرياض يستقبل محافظ الخرج    الأردن تُدين الهجمات التي تعرّضت لها مخيمات النازحين في مدينة الفاشر بالسودان    الأخضر السعودي تحت 17 عاماً يتأهل إلى نصف نهائي كأس آسيا على حساب منتخب اليابان    بنزيمة الغائب الأبرز عن تدريبات الاتحاد    جامعة جازان تستضيف ندوة "الإفتاء والشباب" لتوعية الجيل بأهمية الفتوى    قصف خامس يضرب مصحات غزة    موقف سالم الدوسري من لقاء الخليج    شيخ علكم إلى رحمة الله    700 قاضٍ يكملون الفصل الأول من الدبلوم العالي للقانون الجنائي    السعودية تدين وتستنكر الهجمات التي تعرضت لها مخيمات للنازحين حول مدينة الفاشر وأسفرت عن عدد من القتلى و الجرحى    إطلاق 25 كائنًا فطريًا في محمية الإمام تركي بن عبدالله    توطين 25 كائنًا فطريًا مهددة بالانقراض في محمية الإمام تركي بن عبدالله    أمير تبوك يعزي أبناء جارالله القحطاني في وفاة والدهم    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فؤاد زكريا .. «العقلانية» طريق لبناء المجتمع
نشر في عكاظ يوم 25 - 03 - 2010

رحل في صمت .. وفيما يصبح الصمت عميقا ومدويا في حقل المعرفة بمعناها الأكثر رقيا وسموا وذهابا إلى الحقيقي من هذه المعرفة .. وحيث للزمن قيمة ومعنى ودلالة في الفلسفة .. غاب المفكر والفيلسوف فؤاد زكريا بهدوء بعد عمر امتد ل 83 عاما .. إنه غياب لأحد أبرز المدافعين والمناضلين عن الإنسان والحرية والوجود والمؤسسين لخطاب العقلانية في الفلسفة والفكر .. في الوطن العربي.. رحل دون ضجيج وسط عالم ضاج وصاخب .. عالم مليء بالكثير مما هو هامشي في ساحة الحياة .. وفي حقل الكتابة.
هناك أسماء كبيرة في الثقافة العربية عندما يأتي الحديث عنها لا يأتي هذا الحديث هكذا دون سجال فكري وفلسفي يطرح ويضيء تلك القضايا المهمة والمفصلية التي عالجها وقرأها وتعامل معها برؤية علمية وعندما يأتي الحديث عن الفكر والفلسفة تبرز أسماء عربية كبيرة ساهمت في الحفر عميقا في الكتابة الفكرية والفلسفية لعل من أبرز هذه الأسماء الدكتور عبد الرحمن بدوي والدكتور زكي نجيب محمود وفؤاد زكريا ومحمود أمين العالم وآخرين من تلك السلالة من القامات الفكرية والثقافية في مصر على وجه الخصوص من لطفي السيد وفرح أنطون وشملي شميل وسلامة موسى أولئك الذين دعوا إلى سيادة العقلانية في الخطاب الثقافي والفكري والاجتماعي والسياسي ولأن عبد الرحمن بدوي كان الناقل والمترجم للفلسفة الألمانية والفلسفة الوجودية .. وكان له الفضل في الكتابة عن فكر المتصوفة العرب .. وحقق بذلك مشروعا ثقافيا كبيرا ولافتا عبر ذلك الإنجاز، ولأن زكي نجيب محفوظ اشتغل على قضايا فكرية وفلسفية انتهت به إلى ضرورة «تجديد الفكر العربي» والارتحال ما بين ثقافتين غربية وعربية وفيما عمل محمود أمين عالم على تطبيق المنهج الماركسي التاريخي في طروحاته ودراساته النقدية وسط هذه الأسماء وأسماء عربية أخرى كان فؤاد زكريا يقف في الضفة الأخرى المختلف عليها وحولها حيث ينبغي أن يكون الاختلاف والمجاهر بآرائه وأفكاره إلى حد الصدام وحدود المجابهة والمواجهة ليس ضد من «هم» في غير موقعه ومكانته أو الاتجاه الأيديولوجي الذي ينتمي إليه والمدرسة الفكرية والفلسفية التي نافح عنها وكافح من أجل الذود عنها ومع من يقفون في اليسار في الفكر والممارسة، بل لقد هاجم عقلية الخرافة والسحر ووقف ضد الأفكار التي تدعو إلى الفكر المتطرف وكان من أوائل من حذر من سيادة هذه الأفكار السوداء وأحد المفكرين الذين أصلوا مفهوم «الإسلام السياسي» وذلك في كتابه «الصحوة الإسلامية في ميزان العقل» ثم في كتابه الآخر «الحقيقة والوهم في الحركة الإسلامية».
كان فؤاد زكريا طوال مسيرته وحياته الفكرية والفلسفية والعلمية أحد دعاة «العقلانية» التي دعا إليها عبر كتاباته ودراساته ومحاضراته وكان رأيه دائما أن لا سيادة للعرب والمسلمين إلا بوجود تلك العقلانية التي تجعل التربة العربية قابلة لزراعة البذور الأولى لمبادئ وقيم التنوير وأن تصبح قيمة التاريخ ليس فيما مضى ولكن قيمة هذا التاريخ تتعزز وتتأسس فيما سوف يأتي من أجل اللحاق بركب الحضارة الغربية والأخذ بكل أسباب التقدم بالرغم من أن فؤاد زكريا كان أحد خصوم السياسة الأمريكية على المستوى الثقافي في نموذجها الاستهلاكي، لا فيما ينتجه هذا العقل الأمريكي من منتج علمي وتكنولوجي.
لقد كان فؤاد زكريا يرى أن الأمية هي العدو الأول لكل ما من شأنه الارتفاع بالواقع العربي إلى مستويات كبيرة على مستوى التنمية والرفع من قيمة الإنسان وذلك عبر القيمة التي ينبغي أن تتأسس عليها الحالة العربية وهي قيمة حرية التفكير وذلك للخروج من الزمن التقليدي إلى الزمن الحديث الأكثر انتصارا واتصالا بالعلم والحداثة خاصة في وجود الفقيه القديم والحديث الذي يستند إلى سلطة النص الديني حيث لا يمكن صياغة ذهنية غربية وإسلامية تأخذ وتتخذ من سلطة العقل سبيلا لها وطريقا إلى ترسيم قيم ومبادئ العصر الحديث والدولة الحديثة وفي ظل قوى مضادة كامنة ومتأصلة في المجتمع.
من هنا كانت دعوته إلى تأسيس مشروع يتلاقى فيه ما هو فكري مع ما هو فلسفي لوضع صيغة عربية تضع العرب والعقل العربي في واجهة المجتمعات المتقدمة التي لا تجتر الماضي بقدر ما تصنع الحاضر والمستقبل ومن هنا تأتي أهمية إشرافه على كتاب عالم المعرفة ومجلة عالم الفكر في الكويت.
لقد كان فؤاد زكريا مفكرا حرا وعنيدا مدافعا عن أفكاره وما يؤمن به بامتياز ولعل كتابه «كم عمر الغضب» مثال قوي على معارضته لتلك الثورة وضد الأفكار التي حملتها «الناصرية» ثم اختلافه ومعركته مع الكاتب والصحافي محمد حسنين هيكل رمزها البارز ثم معاركه الأخرى مع محمد متولي الشعراوي ويوسف القرضاوي ومصطفى محمود وآخرين.
لقد كنت في القاهرة منذ عدة أيام وأتيح لي أن ألتقي مع نخبة من المثقفين والمبدعين في مصر الكبيرة حضارة وأرضا وإنسانا وسألت عن هذا المفكر والفيلسوف الذي كنت أريد زيارته ومحاورته كغيره من الأسماء المضيئة في الفكر المصري وجاءتني الإجابة من الصديق المبدع والفنان سعيد الكفراوي لقد كبر الرجل ودخل في اللحظات الحرجة.
وقد حمدت لمجلة «إبداع» إصدارها لعدد خاص يرصد مسيرته الفكرية والفلسفية والأكاديمية مع إصدار كتيب بعنوان «هكذا تكلم فؤاد زكريا».
لقد كان فؤاد زكريا من البقية الباقية من رموز التنوير .. ولقد غاب وغادر الحياة في زمن سرقت فيه نجومية لاعبي الكرة وفناني الرداءة على ما هو حقيقي وعميق في الحياة والكون.
هكذا يغيب أحد الداعين الكبار إلى التفكير الحر والعلمي وأحد رموز العقلانية.
إذن، لنقرأ الأفكار الكبيرة لهذا المفكر الكبير الذي ينبغي قراءة أعماله بوعي وبصيرة.
[email protected]
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 203 مسافة ثم الرسالة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.