في الدول المتقدمة لا ترتهن الأمور والمسائل والقضايا الهامة والمفصلية إلى حسن النوايا وحسن الطالع أو سوئه، ولا تقوم وتستقيم الأشياء على الانطباعات والاجتهادات الشخصية والذاتية، ولكن تقوم وتستقيم هذه الأشياء من خلال فكر مؤسساتي يتجلى في المراكز العلمية والبحثية والجامعات وعبر نخبة من أصحاب الفكر والرأي، الذين عملهم ومهمتهم وضع دراسات علمية وسياسية وفكرية واجتماعية واقتصادية، ترتبط هذه المؤسسات العلمية ومراكز البحث ارتباطا جذريا بصناعة القرار السياسي في الدولة، كما هو حاصل في الغرب. ومن هنا تتأسس لدينا الرؤية الاستشرافية للمستقبل، ومن ثم فهم ما سوف يجري من كوارث وتحولات وأحداث اجتماعية وبيئية وصحية وأمنية وغيرها على ضوء قراءة المستقبل استنادا على فهم الراهن. إن غياب مراكز البحث العلمي واستطلاعات الرأي وغياب المسؤولية الوطنية هو حتما ما سوف يؤدي إلى هذه الكوارث التي نشهدها ونعيشها منذ كارثة «حمى الوادي المتصدع» في جيزان إلى كارثة سيول وأمطار جدة، ذلك أننا مجتمع قائم في تفكيره وممارساته على تكريس «فقه التجاوز»، هذا الفقه الذي تحول إلى جزء أساسي ومركزي من الخصوصية الاجتماعية، بالرغم من أن الناس ومنذ سنوات طويلة يتحدثون في مجالسهم ومنتدياتهم عن التجاوز الإداري. كما أن التحولات الاجتماعية كادت أو تكاد تقضي على الطبقة الوسطى في بلادنا. المطلوب من الجامعات ومراكز البحث العلمي في بلادنا مساعدة المؤسسات وتنويرها ووضع رؤية شاملة وكاملة لما ينبغي أن يكون عليه المستقبل والوضع في المملكة خلال الخمسين سنة القادمة مثلا، ولكن بالمقابل ينبغي القول أن ذلك لن يتأتى إلا بوجود الشفافية في كتابة كل شيء يتعلق بحاضر ومستقبل المملكة. علينا، إذن، أن نملك الشجاعة في مواجهة المستقبل والاعتراف بأخطائنا حتى لانفاجأ بكوارث أخرى ومصائب أخرى أيضا. وهذا ما يتوقعه الكثير من فئات وشرائح المجتمع، ذلك أن هناك أكثر من جدة. وما جدة إلا وجه آخر لمدن أخرى، فهل نقرأ المستقبل برؤية علمية ووطنية خالصة لوجه الوطن. نعم.. بالمعرفة نواجه المستقبل. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 203 مسافة ثم الرسالة