لا يتوقع أحد أن تصفو له الحياة، ولابد أن تصفو له مدى عمره ألم يقل المعري، «تعب كلها الحياة فما أعجب»، فلم تخلق الدنيا لهذا وفي نفس الوقت ، لا يظن أحدنا بأن الحياة كلها هموم وغيوم وأحزان وضيق، بل إن الحياة ممزوجة بمزجة ربانية طبيعية كما أرادها هو سبحانه وتعالى، لا كما نريدها نحن، ممزوجة بالأفراح والأتراح بالسعادة والتعاسة بالراحة والتعب والشاعر، يقول: ويوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر ويبقى الإيمان بالله والصبر والذي يصفه الناس بكلامهم العامي «أحلى دواء» هو الحامي والواقي للإنسان بعد الله، من أن يقع أسيرا لهمومه وأحزانه والله جل في علاه يقول: «وأصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور»، والصبر على المكاره نعمة يجزى عليه العبد من خالقه، والذي هو أرحم بالعباد من بعض العباد ببعضهم بعضا. من الخطوات التي أحب تسجيلها هنا لمن يعانون من تكالب الهموم عليهم، كتبت مخلصا: أيها المغرق في همومك: أعط نفسك حقها من التلذذ بساعات الفرح، ولا تلمها إذا ما فرحت وتردد: «يا خوفي بعد كل هذا الفرح»، فكثيرا من الناس يحسدون أنفسهم من أن يفرحوا. أحرص على التواصل بالناس والخروج من محيطك الذي عزلت نفسك فيه، فأكثر ما يسبب المخاوف والهلاوس الفكرية للإنسان، سجنه لنفسه في عزلة، فلا يجد من يبادله الحديث والأخبار، فيكثر حديثه مع النفس، ومن هنا تتوالد الأفكار السلبية التي لا تجد من يحد منها أو يصححها. وتجنب أن تضع تفسيرات تجاه نفسك تكون سلبية بعد كل موقف من مواقف الحياة أو الناس، سواء داخل أسرتك أو في محيطك الوظيفي أو في الأماكن العامة، فهذه الحساسية المفرطة تقتل شخصيتك ولا تساعدك على بنائها. اشغل نفسك بالقراءة أو ممارسة هوايات تكون فيها الفائدة، وتشعر أنك تعبر من خلالها عما تحسه وتشعر به. حاول إعادة تواصلك الاجتماعي مع أفراد أسرتك أو مع زملاء العمل، ولا تعش مرحلة مواقف سابقة ومضى عليها الزمن، فلو جلست تحسب ما كان من أحداث فلن تعيش حياتك طبيعيا، وكن كالسيل عندما يجري، فهو يدفن كل ما يقابله ويمضي في طريقه. تجنب كل مسببات القلق وامتلك القدرة على أن تصفح وتتسامح. أثبت ذاتك، من خلال حضورك في كل مكان تتواجد فيه أو عمل تكلف به، واجعل أعمالك تبرز وجودك كإنسان حي وموجود بين الناس، وليس منسيا وأنت حي. لا تخضع للأفكار السلبية التي لا تعين على بناء ثقتك بنفسك، كأن تفكر أنك لم تجد حظك، فمعظم الناس لم يعثروا على حظهم كما يتصورون. محمد إبراهيم فايع خميس مشيط