غداً ستبتسم لك الحياة أيها المصاب الكسير، أيها المهموم الحزين: نحن في دار ابتلاء واختبار، وهموم وأحزان، نصاب فيها بفقد حبيب، أو ضياع مال، أو سوء معاملة، أو فراق إخوان ، أو مرض من الأمراض. لا تخلو الدنيا من بلية ومحنة ، ومصيبة وفتنة، فهي دار شقاء وعناء ، سجن للمؤمن، وجنة للكافر، وما يجري لنا فيها أقدار مقدرة، فرزقنا مقسوم، وقدرنا محسوم ، وأحوال الدنيا لا تستحق الهموم ،لأنها كلها إلى زوال، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور. في الحديث النبوي الصحيح: (ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمر الله: إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها؛ إلا أخلف الله له خيراً منها) رواه مسلم. فاصبر صبرًا جميلاً، فإنه لا يوجد كرب؛ إلا ومعه فرج، ولا يوجد صبر إلا ومعه نصر، وتأمل معي هذه الآية العظيمة :إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر: 10]. ثم ابشر أيها المصاب ؛ فإن سحب الأسى سوف تنقشع ، وليل الظلام سيزول، وغداً سوف تشرق الشمس، وسيقبل نور الصباح، وسينهمر المطر، وتجري الجداول، وتغرد الطيور، وتفتح الأزهار، ويفوح الورد بالشذا ، وتنتشر نسمات الهواء العليل، فاجعل نفسك راضية مرضية ، باسمة مبتسمة ، متفائلة مبتهجة ، وسوف تنعم بحياة طيبة هانئة وسعيدة. املأ روحك بالأمل ؛ فالأمل في الغد يزيل اليأس من القلوب،وتفاءل بالخير دائماً ؛ فإنه مهما طال البلاء، فهو إلى زوال، ومهما ألمت بك الأحزان؛ فبقاؤها محال، المريض سيشفى ، والمحزون سيفرح ، والكرب سيرفع ،والضائقة ستزول [فإن مع العسر يسراً ، إن مع العسر يسراً] (الشرح:56). لا تحطم فؤادك بأحزان ولّت، تجاهل الماضي، فإن تذكره لا يفيد في علاج الأوجاع شيئاً، وإنما يكدر عليك يومك، ويزيدك هموماً على همومك ،امسح من صفحات ذكرياتك الهموم والأحزان، ثم تجاهل ما سيحدث لك في مستقبل الزمان. واطلب الطمأنينة والسعادة في ذكر الرحمن؛ تسبيح، وتهليل، وصلاة على النبي العدنان ، وتلاوة لآيات القرآن ، [ أَلاً بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ القلوب](الرعد:28). وابشر خيراً أيها المكلوم؛ فإن الله قريبٌ منك، يعلم مصابك وبلواك، ويسمع دعاءك ونجواك، فأرسل له حاجتك، وبث إليه شكواك. فإذا أصابك في زمانك شدة ..... وأصابك الخطب الكريه الأصعب. فاسجد لربك إنه أدنى لمن ..... يدعوه من حبل الوريد وأقرب أزال الله همك، ورفع عنك غمك، وفرج كربتك ، وشفاك من مرضك واذهب عنك أحزانك، وحفظك من أمامك ومن خلفك، ومن فوقك ومن تحتك. د.عبدالله سافر الغامدي جدة